كشفت دراسة بعنوان ” الأبعاد السياسية لمشكلة المياه فى دول حوض النيل” أن معطيات الواقع بدول حوض النيل تعكس تزايد حاجة دول المنطقة للخبرة الفنية والاستثمارات والمساعدات اللازمة للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، لتجاوز سلبيات الموقف الراهن على ساحتها الداخلية من جانب، وضعف العقيدة الدينية وانتشار الوثنية بالعديد من دول الحوض من جانب آخر.
وأضافت الدراسة أن الأوضاع غير المستقرة في السودان، والمشكلات بين الشمال والجنوب، وبين الجنوبيين أنفسهم، وتعثر معالجة القضايا العالقة بين الشمال والجنوب، خاصة قضية أبيي، وكذلك عدم التوافق حول ترسيم الحدود بينهما، وتحسن الذي شهدته العلاقات بين كل من الكونغو الديموقراطية ورواندا، ونجاح العمليات العسكرية المشتركة بينهما في ملاحقة العناصر المنتمية لحركات المعارضة المسلحة لنظامي البلدين في المناطق الحدودية، كان عاملاً حاسماً في تضييق الخناق عليها، وتوقيع اتفاق بين كل من أوغندا والكونغو الديموقراطية والسودان، في ديسمبر 2008، يقضي بالقيام بعمليات عسكرية مشتركة ضد تمركزات حركة “جيش الرب” الأوغندية المتمردة بمناطق شمال الكونغو المتاخمة للحدود الأوغندية والسودانية.
وقد تأثر تسوية قضايا المنطقة بمعادلة توازنات المصالح والقوى، واختفاء الهوية الأفريقية على حساب الوجود العربي بمستقبل النظام الإقليمي بالمنطقة وتوضح الدراسة التحديات التي ستعاني منها مصر والتي تتفق تماما مع ما قاله المفكر علي الشرفاء في مقالاته ورسائله حول إشكالية سد النهضة واثره علي المصريين خاصة ان الشرفاء ارجع ذلك للاياد الصهيونية التي تحاول العبث بالمقدرات الوطنية المصرية وهو ما أكدته الدراسة حيث اشارت الدراسة الي ان هناك تحديات كبيرة ستواجه مصر خلال الفتراات المقبلة منها
أ. انخفاض نصيب الفرد من المياه
يمثل النمو السكاني المتزايد ضغوطاً متزايدة على الموارد المائية المتاحة والمتوقعة، الأمر الذي يمثل محدداً رئيسياً وعبئاً على صانع القرار المصري تجاه التعامل مع المنطقة، ونظراً لثبات حصة مصر من مياه النيل عند 55.5 مليار م3 سنوياً، فإن الزيادة السكانية التي شهدتها مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين أدت إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من تلك الحصة انخفاضاً ملحوظاً، فبعد أن كان متوسط نصيب الفرد عام 1950 نحو 2700 م3 سنوياً، انخفض إلى 858 م3 عام 2000، أي أقل من خط الفقر المائي العالمي، والذي يُحدد بألف م3 سنوياً للفرد، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 534 م3 سنوياً بحلول عام 2030.
ب. الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل
تصاعدت معارضة بعض دول حوض النيل للاتفاقيات القائمة بين دول حوض النيل لأكثر من سبب، أبرزها عدم التوصل إلى اتفاق حول الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة حوض النيل الجديدة NBI، حيث تتحفظ كل من مصر والسودان على بعض بنود الاتفاقية الحالية، والتي وقعتها كل من إثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا، في 14 مايو 2010، وأخيراً بوروندي التي وقعت على الاتفاق، في أول مارس 2011، ما سيؤدي إلى دخول الاتفاق الإطاري حيز التنفيذ بعد تصديق برلمانات تلك الدول عليه.
وقد تمثلت أبرز نقاط الاختلاف بين دولتي المصب (مصر والسودان) وباقي دول حوض النيل في الآتي:
(1) عدم تضمين البند الرقم (14 ب) الخاص بالأمن المائي نصاً يقضي بالحفاظ على حقوق مصر التاريخية والمكتسبة من مياه النيل.
(2) عدم تضمين البند الرقم (8) من الاتفاقية، والخاص بالإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، على أن يتم إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس في الملاحق الخاص ةبها.
(3) مطالبة مصر بتعديل البندين الرقم (34 – أ) و(34 – ب)، بحيث تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية أو الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة التمسك بالأغلبية فيجب أن تشمل الأغلبية دولتي المصب (مصر والسودان) لتجنب عدم انقسام دول الحوض ما بين دول المنابع التي تمثل الأغلبية ودولتي المصب التي تمثل الأقلية.
(4) اقتراح دول المنابع وضع البند الخاص بالأمن المائي، البند الرقم (14 ب) في ملحق للاتفاقية، وإعادة صياغته بما يضمن توافق دول الحوض حوله، خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الاتفاقية، حيث رفضت مصر هذا المقترح وطرحت بدلاً منه اقتراحاً بتشكيل لجنة وزارية رباعية من كل من مصر والسودان وإثيوبيا وإحدى دول حوض النيل الاستوائية، بالإضافة إلى خبير أو اثنين من المنظمات الدولية، للتوصل لصيغة توافقية حول البند الرقم (14 ب) الخاص بالأمن المائي والحقوق التاريخية، والانتهاء من هذه الصيغة التوافقية خلال ستة أشهر.
ج. عدم التواصل المصري مع القادة الشعبية بدول حوض النيل
إن إحدى الحقائق المهمة التي لا يمكن إنكارها هي أن التوجه الشعبي السائد في دول حوض النيل لا يتعاطف مع مطالب ومصالح دولتي المصب (مصر والسودان)، وتتبدى تلك الحقيقة في كثير من المواقف الشائعة، مثل المطالبة ببيع مياه النيل لهما، أو الميل إلى رفض الاتفاقيات التاريخية لحصص كل منهما في مياه النيل، أو الشكوى مما تنطوي عليها المعاهدات والاتفاقيات القديمة من انتهاك للسيادة الوطنية لتلك الدول. لذا من الضروري تجاوز التعامل الحكومي الرسمي مع دول حوض النيل إلى آفاق التعامل الشعبي (غير الرسمي)، والتواصل مع الشعوب وقوى المجتمع المدني، والتفاعل مع الرأي العام فيها، ليوفر ذلك أساساً صلباً ومشجعاً لسياسات حكوماتها إزاء التعاون بشأن مياه النيل.
- التحديات والتهديدات المحتملة تجاه الأمن القومي المصري
أ. على الصعيد السياسي ـ الأمني ـ العسكري
(1) بناء محاور وتحالفات بين دول الاتجاه، تعزز من أدوار القوى المتنافسة مع الدور المصري بأفريقيا، وبصفة خاصة بعمق الاتجاه الإستراتيجي الجنوبي.
(2) إثارة القضايا الحدودية المصرية/ السودانية، ومحاولة تدويل التسوية في إطار إعادة هيكلة النظام السياسي والإداري للسودان.
(3) تحجيم فرص تفعيل التكامل المصري/ السوداني، وتأثيره في تحقيق المصالح المصرية، بمعادلة توازن القوى بالقرن الأفريقي والشرق الأوسط.
(4) إضفاء الهوية الأفريقية على مستقبل الأوضاع في السودان، واستغلاله على أنه إحدى حلقات تطويق الدور المصري.
ب. قضية الأمن المائي
(1) محاولة دول تجمع شرق أفريقيا الضغط بورقة المياه للحصول على مزيد من الإسهام المصري في تنفيذ مشروعاتها المائية وفي مجال التنمية.
(2) السعي لاجتذاب دعم الدول المانحة لمشروعات دول البحيرات الاستوائية، على حساب التقدم الذي تحققه مشروعات دول الحوض الشرقي (مصر ـ السودان ـ إثيوبيا).
(3) التدخل لمزيد من فرص التعاون المصري/ السوداني لإحياء مشروعات تنمية الموارد المائية بجنوب السودان.
(4) محاولة إعادة التفاوض وإبرام اتفاقات جديدة لمياه النيل، مع إمكان نقل الانتفاع بها لدول خارج حوض النيل على مستوى الاتحاد الأفريقي، دون قصرها على دول الحوض.
(5) الربط بين مشروعات تنمية الموارد المائية بأعالي النيل، بإبرام اتفاقيات بمعايير جديدة للانتفاع بمياه النيل، خاصة بعد انفصال جنوب السودان، تحقق مكاسب لدول المنابع الاستوائية على حساب دولتي المصب (مصر والسودان).
(6) التأثير السلبي على حصة مصر المائية، حال تنفيذ مشروعات دول المنابع خارج إطار التعاون الإقليمي، وتتزايد المخاطر عند عدم تنفيذ مشروعات تنمية موارد النهر بأعالي النيل.
ثانياً: المتغيرات الدولية والمصالح الأجنبية المؤثرة على الأمن القومي المصري
دور القوى الفاعلة عالمياً وإقليمياً في دول حوض النيل
تنامي تأثير بعض القوى الدولية (الولايات المتحدة الأمريكية ـ فرنسا ـ الصين)، والإقليمية (إسرائيل) في توجيه سياسات دول المنطقة، بوصفها إحدى دوائر إعادة صياغة النظام الإقليمي، حيث ساهم التقارب الأمريكي في دول المنطقة في تعزيز التواجد الإسرائيلي بها، مع سعيه للتحريض ضد المصالح المصرية فيها.
انفراد القوى الغربية بالسيطرة على المنطقة، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وإصرار غالبية القوى الغربية على ربط حجم المساعدات والدعم الاقتصادي لدول المنطقة بمدى ما يتم إحرازه من نجاحات ملموسة على صعيد التحولات الديموقراطية، دون مراعاة للظروف الاجتماعية والتركيبة القبلية والعرقية لتلك الدول.
تدخل القوى الغربية في حسم الصراعات المحلية بالقوة المسلحة، باستغلال الشرعية الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومن خلال تطوير استخدام آليات الأمم المتحدة (استصدار قرارات دولية تتيح لها التدخل في منطقة كافور، ومكافحة القرصنة بالسواحل الصومالية).
تزايد أهمية المنطقة من منظور الأمن القومي الأمريكي والأوروبي، والاعتماد عليها كنقطة ارتكاز متقدمة لاستخدام قواتها في تأمين مصالحها الحيوية في مناطق الاهتمام الرئيسية، للمساهمة في قوة العمليات المشتركة البحرية العاملة بمنطقة القرن الأفريقي، والتي يبرز فيها مشاركة إسبانيا وألمانيا، في سابقة تُعد الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، وفي هذا الإطار يبرز الوجود لقوات ألمانية بكل من جيبوتي وكينيا، واحتمالات إنشاء قاعدة إسبانية في جيبوتي، فضلاً عن الوجود في المهمة (أتلانتا) بالسواحل الشمالية وخليج عدن بمهمة مكافحة القرصنة.
في هذا الإطار سيجرى تناول الدور والتوجهات والتدخلات الاسرائيلية وسياساتها تجاه دول حوض النيل، كالآتي:
- الدور الإسرائيلي في دول حوض النيل
تتبع إسرائيل تجاه دول حوض النيل سياسة الاحتواء والالتفاف حول مصر، فمتى أرادت مصر أن تلتفت إلى جيرانها في الجنوب، ستجد أنها محاصرة بالوجود الإسرائيلي المكثف الذي سبقها إلى هناك، من خلال أنشطة عسكرية وأمنية واقتصادية مكثفة بين إسرائيل ودول الجنوب بعامة، ودول حوض النيل بخاصة.
تتحرك إسرائيل في منابع النيل في هضبة البحيرات، والتي تمثل 15% من إيرادات النيل، بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تُعطي أولوية قصوى لدول منابع النيل، في مجموعة القادة الجدد الذين ترعاهم السياسة الأمريكية/ الإسرائيلية، هم زعماء دول حوض النيل، وهم زعماء أوغندا، ورواندا، وإثيوبيا، وإريتريا، والكونغو الديموقراطية، وكينيا، وتنزانيا، وجنوب السودان.
ربما يكون انحسار الدور المصري في أفريقيا خلال الأعوام العشرين الماضية قد لعب دوراً في إتاحة الفرصة لدى إسرائيل نحو تنشيط علاقاتها التاريخية مع أفريقيا، عبر مداخل متعددة، خاصة المداخل التنموية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، حيث تحتفظ إسرائيل بعلاقات دبلوماسية مع نحو 42 دولة أفريقية.
المتتبع لتحرك إسرائيل في منطقة حوض النيل بعد ثورات الربيع العربي، يرى أنها تسعى للحصول على مجال إقليمي بديل، للتفاعل في ظل ما فرضه الحراك السياسي في الدول العربية، خاصة مصر، مع تغيير الأنظمة السياسية، ما قد يدفع إلى إحداث تغير في العلاقات مع تل أبيب. ومن مظاهر هذا التحرك، زيارة رئيس دولتي حوض النيل (كينيا وأوغندا) إلى إسرائيل، في شهري نوفمبر وديسمبر 2011، وتوقيع اتفاقيات سلاح وتدريب، لتعزيز التعاون الأمني والعسكري، وكذلك قيام خمس شركات إسرائيلية بزيارة جنوب أفريقيا، في أغسطس 2011، للتعاون مع كبرى شركات تكرير النفط في جنوب أفريقيا.
- آليات التدخل الإسرائيلي في دول حوض النيل
تتبع إسرائيل عدداً من الآليات في سبيل تحقيق أهدافها الإستراتيجية في حوض النيل، أهمها
أ. استخدام مراكز الأبحاث العلمية والتكنولوجية التابعة للحكومة، واستخدام الشركات العملاقة متعددة الجنسيات التي تعمل في إسرائيل، وبخاصة الشركات التي تعمل في مجالات الطاقة الكهربائية والموارد المائية، لبحث وتطوير تقنيات تكنولوجية تساعدها على احتكار الطاقة الكهربائية في المنطقة من ناحية، وتوجيه خبراتها الفنية لمساندة مشروعات دول المنبع، وبخاصة إثيوبيا، من ناحية أخرى.
ب. تقديم المنح والسلاح والتدريبات للجماعات المتمردة التي تثير القلاقل من دول الحوض، وإقامة تحالفات معها، ومن ذلك توطيد العلاقات وإقامة تحالفات مع القادة الأفارقة الجدد في دول الحوض، والذين ينتمون إلى أقليات أو جماعات متمردة في دولهم، وكان هذا هو الحال مع “جون قارنق” في جنوب السودان، و”ميليس زيناوي” في إثيوبيا، و”أسياسي أفورقي” في إريتريا، و”يوري موسفيني” في أوغندا.
ج. استخدام العلاقات بالقوى الدولية، مثل المانحين الجدد الدوليين، أو البنك الدولي، أو العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إدخال مفاهيم جديدة في قواعد توزيع مياه الأنهار، وتنفيذ مشاريع في دول الحوض تخدم أهداف هذه الدول السياسية والاقتصادية.
- دور إسرائيل في دول حوض النيل
أ. الدور الإسرائيلي في إثيوبيا
(1) تتمتع إسرائيل بعلاقات قوية مع إثيوبيا في مجالات متعددة، نظراً لأهمية إثيوبيا الإستراتيجية، فهي تُعد أهم دولة متحكمة في مياه النيل من المنبع.
(2) تصدر إسرائيل السلاح إلى إثيوبيا، وتقدم لها المساعدات العسكرية في شكل معدات وبرامج تدريب وإرسال مبعوثين وخبراء إسرائيليين في جميع المجالات المختلفة، وبخاصة المجالات الأمنية والعسكرية.
(3) استطاعت إسرائيل أن تؤمن وصولها إلى الممرات الملاحية في البحر الأحمر وعبر مضيق باب المندب.
(4) تنظر إثيوبيا إلى علاقاتها مع إسرائيل بحسبانها علاقات تاريخية وقوية، خاصة بعدما تمت تسوية المشكلات التي كانت تعرق مسيرة هذه العلاقات، وفي مقدمتها قضية تهجير يهود الفلاشا، بالإضافة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، في نوفمبر 1993.
(5) توحيد العلاقات بين الدولتين، فتُعد إسرائيل شريكاً تجارياً أساسياً، حيث تقوم إثيوبيا بتصدير بعض منتجاتها مثل البن والسمسم والجلود والحبوب المختلفة والتوابل والبذور الزيتية والصمغ الطبيعي إلى السوق الإسرائيلي، كما تشهد العلاقات بينهما أخيراً نمواً في مجالات الاستثمار الزراعي والمشروعات المائية والتجارة الخارجية.
(6) تطور العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، ففي السنوات الأخيرة زار وزير الخارجية الإسرائيلي “أفيجدور ليبرمان” إثيوبيا ودول منابع النيل، تلا ذلك زيارة “بنيامين نتنياهو” لدول حوض النيل ومن بينها إثيوبيا.
(7) تقوم شركات إسرائيلية بتقديم عروض فنية لإثيوبيا للإسهام في مشاريع بناء السدود على منابع النيل في الأراضي الإثيوبية، أو في مشاريع أخرى زراعية، مثل سد تيكيزي الذي افتتحته إثيوبيا عام 2010، بارتفاع 188 م، ويُعد أعلى سد في القارة الأفريقية على منابع النيل، وكذلك سد توليد الكهرباء، الذي افتتح عام 2009، في تانابليز في إثيوبيا، وهو الأمر الذي يمثل تحدياً كبيراً لمصر التي تحصل على 85% من حصتها المائية من إثيوبيا.
(8) التمويل الإسرائيلي لمشاريع السدود الإثيوبية التي تسعى لتخزين ما يقرب من 72 مليار م3 من المياه.
(9) توقيع إسرائيل اتفاقية “إدارة المياه والموارد الاقتصادية في أفريقيا” مع منظمة اليونيدو، عام 2012، والتي تقوم بموجبها بتطوير منظومة الأمن الغذائي وخدمة المياه، وتحسين سُبل التصنيع والتسويق الزراعي في القارة الأفريقية. وهنا يكمن الخطر الإسرائيلي على حوض النيل، ما يؤثر على الأمن القومي المصري.
(10) تهميش إسرائيل للدور المصري في أفريقيا بموجب اتفاقية “مجموعة المانحين الجُدد”، وهي الدول والمؤسسات المانحة، وهي التي لا تلتزم بمبادئ الأمم المتحدة.
ب. الدور الإسرائيلي في الكونغو الديموقراطية ورواندا وبوروندي
(1) استغلت إسرائيل الصراعات الإثنية التي كانت دائرة بين جماعتي الهوتو والتوتسي، التي تمتد أصولهما في كل من رواندا وبوروندي، في إقامة علاقات وثيقة مع هاتين الدولتين.
(2) قامت إسرائيل بتزويد جيشي رواندا وبوروندي بالأسلحة القديمة دون مقابل مادي، لكسب ود السلطات الحاكمة في البلدين.
(3) عرضت إسرائيل خدماتها على الحكومتين الرواندية والبوروندية، بحجة مساعدتهما في حماية المنشآت الإستراتيجية في العاصمتين بوجمبورا وكيجالي، ضد هجمات المتمردين من قبائل الهوتو، ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل زودت المتمردين من الطرفين بالسلاح، الذين ينطلقون في هجماتهم من شرق الكونغو الديموقراطية.
(4) تركيز إسرائيل على الكونغو الديموقراطية، وهي ثاني أكبر دول حوض النيل مساحة بعد السودان، وبها بحيرة موبوتو سيسي سيكو، كما أن لديها نهر الكونغو الذي يصب في المحيط، وهو أكبر من نهر النيل، وعائداته من المياه أكبر بكثير من نهر النيل.
(5) تقوم إسرائيل بتدريب المسؤولين الروانديين بشكل رئيس في مجالات الأمن وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصحة، وفي مجال التعاون العسكري قامت إسرائيل بعقد صفقات أسلحة مع رواندا خلال السنوات القليلة الماضية، حيث عملت على تزويد رواندا بصواريخ دفع ذاتية، عام 2008.
(6) تخطط إسرائيل لبناء مركز للزراعة في رواندا، يستخدم لإثبات القدرات التكنولوجية لدى الشركات الإسرائيلية.
ج. الدور الإسرائيلي في السودان وكينيا وأوغندا وتنزانيا وإريتريا
(1) أتاحت الخلافات السودانية الفرصة أمام إسرائيل لخدمة أهدافها الإستراتيجية، فقدمت الرشوة والمال للنُخب السوداني ة في الشمال، التي تعاونت معها، وعملت على تأجيج النزعات الانفصالية، عندما اتصلت بالمتمردين في الجنوب ومدتهم بالسلاح.
(2) وجدت إسرائيل أهمية في أن يكون لها موطئ قدم في الجنوب، يمكنها من استكمال جهودها في بناء تحالف مسيحي في أفريقيا، لدرء النفوذ العربي الإسلامي المتنامي، من خلال تشجيعه على الانفصال والدفاع عن مصالحه، في تقاسم مياه النيل.
(3) محاولات إسرائيل لفصل إقليم دارفور غير المستقل، ومواجهة الدور الإيراني، وتهريب السلاح عبر السودان.
(4) تعطيل مشروع قناة جونجلي وإعاقة تنفيذه، الذي كان من المقرر أن يربط النيل الأبيض ونهر الكونغو، والذي كان سيصب في مصلحة مصر بشكل كبير.
(5) قيام إسرائيل، في يوليه 2012، وبعد سبعة أشهر فقط من زيارة “سيلفاكير” لإسرائيل، بإبرام أول اتفاقية للمياه مع دولة جنوب السودان الوليدة، وذلك باستخدام مياه النيل ومشروعات نقل المياه، ما يشكل خطراً على مستقبل حصة مصر من المياه.
(6) تتركز علاقة إسرائيل بكينيا على التعاون العسكري والاستخباراتي، إضافة إلى مشاريع تنموية في مجالات الطاقة والزراعة وتنمية المياه.
(7) تقوم إسرائيل بتطوير القواعد الجوية وشبكات الاتصال في الجيش الكيني، كما توجد قوة كوماندوز إسرائيلية في مطار نيروبي لتأمين حركة الملاحة الجوية لشركة العال الإسرائيلية.
(8) تقوم إسرائيل بالتعاون مع كينيا في مجال الإنتاج الزراعي، وفي تنفيذ مشروعات الطاقة النظيفة، وإطلاق مشروع إسرائيلي ـ كيني ـ ألماني لتنقية مياه بحيرة فيكتوريا.
(9) تقوم إسرائيل بتنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات، معظمها شمال أوغندا، على حدود السودان وكينيا.
(10) تقوم شركة المياه الوطنية الإسرائيلية بتطوير البنية التحتية للمياه في أوغندا، والذي بمقتضاه ستقوم الشركة ببناء 11 سداً وخزاناً لتوفير المياه لمليوني نسمة.
(12) التعاون العسكري بين إسرائيل وأوغندا من خلال الخبراء، والقيام بتسليح الجيش الأوغندي، خاصة القوات الجوية، وتدريبها، والتي استخدمتها في الصراع ضد المتمردين من حركة جيش الرب LRA، عام 2008.
(13) تتركز العلاقات الإسرائيلية مع تنزانيا في التعاون العسكري، الذي تمثل في تدريب بعض الضباط في إسرائيل، بالإضافة لوجود خبراء إسرائيليين في الجيش التنزاني، مع وجود تعاون فني في المياه وإنشاء السدود.
(14) النشاط العسكري والاقتصادي الإسرائيلي متوغل توغلاً كبيراً في إريتريا.
(15) تستغل إسرائيل وجودها في إريتريا لأغراض التجسس، إذ تستأجر من إريتريا جزراً في البحر الأحمر قبالة الشواطئ الإريترية، منذ عام 1996، وتوجد في هذه الجزر أكبر قاعدة عسكرية إسرائيلية خارج حدود إسرائيل، والتي تتخذها مركزاً لرصد ناقلات النفط ومراقبة حركة الملاحة في البحر الأحمر، ورصد الحركة في المملكة العربية السعودية واليمن والسودان، كما توجد عديد من الشركات الإسرائيلية التي تعمل تحت غطاء شركات أوروبية.
(16) استغلال إسرائيل للأهمية الجيوإستراتيجية للجزر الإريترية، خاصة جزيرتي دهلك وفاطمة، اللتان تقعان في البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، ومن ثم تحتلان موقعاً إستراتيجياً يعطيها ميزة التأثير في التوازن الدولي والإقليمي من الناحية البحرية لرصد تحركات السفن والملاحة، والتحكم في منع أي دولة عربية من ضرب حصار بحري على إسرائيل تحت أية ظروف، كما تستخدم إسرائيل إريتريا قاعدةً للتجسس على إيران، ويتمثل هذا الوجود في الابقاء على فريق صغير من البحرية الإسرائيلية في جزيرتي دهلك ومساوا، بالإضافة إلى قاعدة أمباسويرا.
- الأهداف الإستراتيجية لإسرائيل في حوض النيل
أ. محاصرة مصر سياسياً، وتطويق السياسة المصرية في محيطها الإقليمي، من خلال التغلغل السياسي والاقتصادي والعسكري في دول الحوض.
ب. الضغط على مصر عبر دول المنبع لإمدادها بمياه النيل.
ج. الحصول على نصيب من الموارد المائية لدول هذه المنطقة الحيوية في أفريقيا.
د. تلبية احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي من خلال إيجاد أسواق بديلة لتصريف المنتجات الإسرائيلية.
هـ. الحصول على دعم دول الحوض وتأييدها في المحافل الدولية.
و. من الناحية الجيوبوليتيكية يُعد موقع دول حوض النيل، المتميز على ثلاثة ممرات مائية مهمة (البحر الأحمر ـ البحر المتوسط ـ قناة السويس).
ز. تجد إسرائيل في تكثيف تحركاتها في حوض النيل، في مواجهة المد الإيراني في المنطقة، والمد الإسلامي عامة.
ح. التصدي للنفوذ الصيني في حوض النيل.