كشف الدكتور علي سالم، أستاذ علم النفس الاجتماعي بكلية الآداب، جامعة حلوان، عن الديناميكيات النفسية والاجتماعية التي تفسر لماذا قد يصدق الأفراد الروايات الشفهية ويتبنون أفكارًا دينية تتعارض أحيانًا مع الحقائق المكتوبة، وذلك ردا على ما طرحه المفكر العربي علي محمد الشرفاء حول قضية اختطاف العقول وتغييبها بروايات مزورة منسوبة للرسول الكريم.
اكد سالم على دور الهوية الجماعية والانتماء في تعزيز التصديق على الروايات الشفهية، موضحا أن الانتماء إلى مجموعة يمنح الأفراد شعورًا بالأمان والتقدير، وهذا يجعلهم أكثر ميلاً لقبول الأفكار التي تعتبر جزءًا من هوية المجموعة، بغض النظر عن مدى توافقها مع الواقع أو النصوص المكتوبة.
أضاف سالم أن الضغط الاجتماعي والرغبة في الانتماء يمكن أن يؤثرا بشكل كبير على تقبل الأفراد للأفكار الدينية، كما أن الخوف من النبذ أو العزلة يمكن أن يدفع الناس إلى التصديق وحتى الدفاع عن معتقدات لا يفهمونها بالكامل أو لا يقتنعون بها بشكل عميق.
وحول التحديات النفسية التي قد تواجه الأفراد عند مواجهة معلومات تتعارض مع معتقداتهم، أوضح سالم أن التنافر الإدراكي يعد عنصرًا رئيسيًا عندما يواجه الأفراد معلومات تتحدى معتقداتهم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى توتر نفسي، كرد فعل قد يستخدمون آليات دفاعية مثل الإنكار أو التبرير لحماية أنفسهم من الشعور بعدم الراحة الناجم عن هذا التنافر.
وأكد استاذ علم النفس الاجتماعى على كيفية تأثير الأساليب الدفاعية في النفس على استقبال المعلومات الجديدة، حيث تتمثل الآليات الدفاعية فى الإسقاط والتقسيم وتسمح للأفراد بتجاهل أو تشويه المعلومات التي تتعارض مع معتقداتهم السابقة، مما يحافظ على استقرارهم النفسي ولكن يمكن أن يعيق التطور الفكري والروحي.
واقترح سالم الاتجاه لعمل برامج تعليمية تركز على تطوير القدرات النقدية وتعزيز الفهم الديني من خلال المصادر الأساسية بدلاً من الاعتماد على التفسيرات التقليدية التي قد تكون مشوهة أو مفتراة.
وتابع”يجب على المؤسسات التعليمية والدينية أن تلعب دورًا أكثر فاعلية في توفير منصات للنقاش الحر والمفتوح حول المساءل الدينية، وهذا سيمكن الأفراد من استكشاف وفهم معتقداتهم بشكل أعمق، وربما التوصل إلى تفسيرات أكثر شمولية وتوافقًا مع العصر الحديث.
وأشار إلى أهمية دور الأسرة والمجتمع في تعزيز الاستقلالية الفكرية، موضحًا أن الدعم الاجتماعي يمكن أن يشجع الأفراد على الاستفسار والبحث بدلاً من قبول الأفكار بشكل سلبي، فعندما يشعر الأفراد بالأمان في بيئتهم، يصبحون أكثر استعدادًا لاستكشاف وجهات نظر مختلفة وربما تحدي النظريات المعتادة التي يتم تقديمها لهم.
ودعا سالم إلى تعزيز التعليم النقدي والاستقلالية الفكرية كجزء من المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، مؤكدا على أن تطوير هذه الجوانب لن يفيد الأفراد فقط بل سيعود بالنفع على المجتمع بأكمله، حيث يصبح الأفراد أكثر قدرة على التعامل مع التحديات المعاصرة واتخاذ قرارات مستنيرة فى مواجهة التحديات الدينية والثقافية المعقدة.