أثنى الدكتور خالد الخضر الباحث اليمنى، على الأسلوب العميق والتحليل المتميز الذى قدمه المفكر العربى علي محمد الشرفاء الحمادي، فى مقاله “هل العالم جاهز لسماع الرسالة؟”.
وأشار الخضر إلى أن “الشرفاء” نجح فى إثارة قضايا مهمة تتعلق بفهم الرسالة الإسلامية ودورها في العالم المعاصر، مما يعكس رؤية متبصرة وحسًّا نقديًا يساهم فى توسيع آفاق الحوار الديني والثقافي .
وأكد الخضر على أهمية المقال كمنطلق لمناقشات فكرية تهدف إلى تعزيز التفاهم المشترك والتعايش السلمي بين الشعوب من مختلف الأديان والخلفيات، وذلك من مفهوم أن الإسلام كما جاء في القرآن الكريم ليس مجرد دين محمدي منفصل عن الرسالات السابقة، بل هو دين شامل يحتوي على جميع الرسالات السماوية.
وأكد أن النصوص القرآنية تؤيد فكرة الوحدة بين الأديان السماوية المختلفة، مشيراً إلى الآيات التي تقول “إن الدين عند الله الإسلام” (آل عمران 19) و”ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين” (آل عمران 85).
ووفقًا للخضر، الإسلام هنا يعني التسليم لله والإيمان برسله وكتبه جميعاً دون تفريق بينهم، مما يعكس شمولية الدين وأهميته كمبدأ جامع لجميع الديانات السماوية.
يتطرق الخضر أيضاً إلى قضية حرية المعتقد والإكراه فى الدين، مستنكراً استناد بعض الفتاوى إلى الحديث المنسوب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم “من بدل دينه فاقتلوه”، موضحا أن هذا الحديث الذي يتعارض مع مبادئ الحرية الدينية وعدم الإكراه كما جاء فى القرآن، قد أُسيء تفسيره واستخدامه على مر العصور لتبرير عقوبات قاسية ضد المرتدين. يضيف أن الإسلام، كدين سماوي، يدعو إلى الحوار والتفاهم والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويشدد على أن الإيمان مسألة شخصية لا يمكن فرضها بالقوة.
يقول الخضر أن الحديث المذكور لا يحمل صيغة واضحة ومحددة، مما أدى إلى تفسيرات متباينة واستخدامات خاطئة في تطبيقاته، خاصة في سياقات سياسية واجتماعية معينة، حيث كانت السلطة الحاكمة تستخدمه لتصفية المعارضين السياسيين والفكريين.
وفيما يتعلق بفكرة نسخ الإسلام للأديان السابقة، يؤكد الدكتور الخضر أن هذا الفهم الشائع غير دقيق ويحتاج إلى مراجعة، موضحا أن الإسلام كما جاء في القرآن، لم يأت لينسخ أو يلغي الرسالات السابقة، بل ليصدق عليها ويكملها، مشيرا إلى الآيات التي تبين أن جميع الأنبياء جاءوا برسالة واحدة وهي توحيد الله والدعوة إلى عبادته، مؤكداً أن هذه الرسالة المشتركة لا تلغي ما جاء به الأنبياء الآخرون.
يضيف أن القرآن يؤكد على أهمية الإيمان بجميع الأنبياء دون تفريق بينهم، مما يدل على أن الإسلام لا يسعى إلى إلغاء الديانات الأخرى بل يدعو إلى التعايش السلمي والاحترام المتبادل.
ينتقد الخضر المؤسسات الدينية والسياسية التي استغلت الحديث عن الردة لتحقيق أهدافها الخاصة، موضحاً أن هذه المؤسسات غالباً ما تستخدم النصوص الدينية بشكل انتقائي لفرض سيطرتها، مشيرا إلى أن القرآن في مجمله، يدعو إلى الحرية الدينية وحرية الاعتقاد، وأنه لا يوجد نص صريح في القرآن يفرض عقوبة دنيوية على الردة، موضحا أن الحديث المذكور يجب أن يُفهم في سياق تاريخي واجتماعي محدد، ولا يمكن استخدامه كمبرر لفرض عقوبات قاسية في العصر الحديث.
ويؤكد أن الإسلام، كما يفهمه من خلال القرآن، يرفض العنف والإكراه في الدين ويشجع على الحوار والتفاهم بين جميع الناس.
ويدعو الدكتور خالد الخضر إلى مراجعة شاملة للفهم التقليدي للإسلام والعلاقة مع الديانات الأخرى، مشددا على أن الرسالة الحقيقية للإسلام تدعو إلى التسامح واحترام الآخر، وأنه يجب أن تكون هناك جهود متواصلة لتعزيز الفهم المشترك بين الأديان والثقافات المختلفة، مؤكدا أن الحوار البناء والاحترام المتبادل هما الأساس لتحقيق السلام العالمي والتعايش السلمي بين الشعوب.
ويؤكد على أهمية أن يعيد المسلمون وغير المسلمين على حد سواء النظر في التصورات المسبقة والفهم التقليدي للإسلام، والعمل معاً من أجل بناء عالم يسوده السلام والتفاهم المشترك.