في ردّه على مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي “القرآن في مواجهة التحديات الفكرية للأمة الإسلامية”، يبرز المُعلم المغربي محمد فتحي إعجابه العميق وتقديره للنظرة الثاقبة التي قدمها الشرفاء حيث قال فتحي: “إن الأستاذ الشرفاء قد فتح أبواباً للفهم الراقي للدين، مستنداً إلى القرآن الكريم كمصدر أساسي ونقي للشريعة، بعيداً عن التحريفات والإضافات البشرية التي عكرت صفو التفسيرات عبر العصور.”
ويتابع فتحي، مؤكداً على أهمية التجرد في التفسير والتعليم، “إن مقال الشرفاء يمثل دعوة صادقة للعودة إلى الجذور الأصلية للإسلام، حيث التسامح والرحمة والعدل، والتي كانت دائماً منهج حياة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. هذه الدعوة هي بمثابة صحوة للأمة كي تتجاوز الانقسامات المذهبية التي أثقلت كاهل المسلمين وأدت إلى تشتت الأمة.”
ويؤكد فتحي على الدور الهام الذي يجب أن يلعبه العلماء والمفكرون في ترسيخ هذا النهج، مشيرًا إلى أن “العلماء بمثابة الحراس للفهم الصحيح للنصوص الدينية، وعليهم أن يبذلوا جهدًا أكبر في التصدي للأفكار المغلوطة والتأويلات الخاطئة التي تضل الناس.” ينادي بضرورة إنشاء مؤسسات تعليمية تضع القرآن في قلب مناهجها الدراسية، ليس فقط كنص ديني، بل كمصدر للقيم والأخلاق والتوجيهات الاجتماعية.
ويدعو فتحي أيضاً إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة تعليم القرآن والسنة. “بإمكاننا اليوم استخدام الأدوات الرقمية لنشر الفهم الصحيح للإسلام وتقديم تفسيرات تفاعلية تسهل من تعلم وفهم القرآن والسنة على نطاق واسع”، يقول فتحي، مشدداً على أن هذا سيساهم في إعادة توحيد المفاهيم الإسلامية وتصحيح المغالطات التاريخية التي شوهت صورة الدين.
كما يلفت النظر إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الأسرة في تنشئة الأجيال الجديدة على فهم سليم للدين. “على الآباء والأمهات أن يأخذوا دورًا نشطًا في تعليم أبنائهم أساسيات الدين من القرآن مباشرة، دون الاعتماد المفرط على المصادر الخارجية التي قد تكون مشوهة أو متحيزة.”
وفي ذات السياق أعرب فتحي عن قلقه البالغ من إغلاق باب الاجتهاد الذي يمارسه بعض من يدعون حمل لواء العلم الديني. يرى أن هذا التقييد للفكر والتفسير ليس إلا وسيلة لتجميد الفهم الديني في إطار زمني محدد، مما يحول دون تطور المفهوم واستيعاب المستجدات الحياتية قائلا: “إن جعل الاجتهاد وازعًا شيطانيًا يقتل الدين ببطء، فالدين الحي هو الذي يتنفس مع الزمن ويتفاعل مع قضايا الناس وتحدياتهم اليومية.”
ويشدد فتحي على أن هذه السلوكيات تعد خيانة لجوهر الإسلام الذي يحث على البحث والتعلم وفتح آفاق جديدة للفكر والروح. ينادي بضرورة مكافحة هذا التصلب الفكري والعمل على إعادة فتح باب الاجتهاد ليستطيع المسلمون مواكبة التغيرات والتحديات العالمية. “يجب أن نرفض المنهج الذي يحول الدين إلى أداة للسيطرة بدلاً من كونه مصدر إلهام وتجديد.”
أخيرًا، يختم محمد فتحي تعليقه بالتأكيد على الحاجة الماسة لمراجعة الخطاب الديني في العالم الإسلامي قائلا “يجب أن نسعى إلى خطاب ديني يبني جسورًا، لا جدرانًا؛ خطاب يعزز الوحدة والتفاهم والسلام بين المسلمين ومع العالم أجمع مؤكدا على ضرورة التمسك بالقرآن كمرجعية في كل الأمور الدينية والدنيوية، قائلاً: “يجب أن نعيد النظر في كيفية فهمنا وتطبيقنا للدين بما يتوافق مع القرآن وسنة نبينا الكريم، بعيداً عن التأويلات الضيقة التي فرقت ولم تجمع. مقال الشرفاء يفتح لنا باب الأمل في بناء فهم إسلامي معاصر يعتمد على التفسير المباشر والصافي لكتاب الله.”