قدم الدكتور محمد عبد الغني الباحث المصرى، تحليلا يحمل نظرة معمقة حول الرسالة الأصيلة للإسلام كما جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، موضحًا كيف أن هذه الرسالة تجاوزت الحدود الجغرافية والثقافية لتصل إلى جوهر الإنسانية بأكملها. هذا النهج يتقاطع بشكل ملحوظ مع الأفكار التي طرحها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، الذي يؤكد أيضًا على البعد العالمي للإسلام وقدرته على معالجة القضايا الإنسانية العميقة. حيث يُشير الشرفاء إلى كيف أن الإسلام يهدف إلى إرساء دعائم العدالة والمساواة وتحرير العقل البشري من الخرافات والأوهام، مما يخلق جسور التفاهم والسلام بين مختلف الثقافات والأمم.
بينما يركز عبد الغني على تأثير الأحداث التاريخية والتشويهات الناتجة عن الصراعات في فهم رسالة الإسلام، يدعو الشرفاء في مقاله “دعوة لمجتمع العدل والرحمة” إلى ضرورة استعادة جوهر الإسلام الروحي والعقلاني كحل للمشكلات الحديثة. كلاهما يدعو إلى إعادة تقييم النظرة للإسلام في السياق العالمي، مؤكدين على أهمية التبصر والحكمة في تجسير الفجوات الثقافية وتعزيز السلام العالمي.
الدكتور محمد عبد الغني، باحث مصري معاصر، يطرح في تحليله أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد قائد ديني محدود بجغرافيا الشرق الأوسط، بل كان ولا يزال إماماً عالمياً يوقظ الأرواح ويهديها نحو الخير والعدل، مشيراً إلى أنه يجب علينا أن ننظر إلى رسالته كدعوة عالمية تتخطى الجدران الأيديولوجية والحدود الجغرافية.
تتجاوز رسالته البعد الزماني والمكاني لتقدم حلولاً للمعضلات الإنسانية، من خلال تأكيده على قيم العدالة والمساواة والأخلاق الحميدة، وهي قيم عابرة للحضارات. ولكن، يُشير عبد الغني إلى أن الصورة المُشوهة للإسلام في كثير من الأحيان—نتيجة الصراعات والتوظيف السياسي—أضرت بفهم هذه الرسالة السماوية وشوهت الحقيقة الروحية للدين.
يستشهد الدكتور عبد الغني بالتحديات التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف أن دعوته تعرضت للخلط بظروف المواجهة والقتال منذ البداية، مما أدى إلى ظهور تصورات مغلوطة حول الإسلام كدين يُعزز الصدام بدلاً من السلام. يناقش عبد الغني كيف أن هذه الصور المشوهة أثارت الخوف والتحفظ بدلاً من تغذية الشوق للتفاهم والروحانية التي يحث عليها الدين الحنيف.
يُبرز عبد الغني أهمية السلام في رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى أن النبي قد أدرك أهمية السلام في نشر دعوة الدين. يسترشد بمثال صلح الحديبية، حيث يُظهر النبي استعداده للتفاوض وقبول شروط قد تبدو مجحفة لتجنب الصدام والحرب. تُعتبر هذه الواقعة خير مثال على رغبته في السلام، حيث كان يرى أن فترات الهدوء قد تتيح الفرصة للناس لتفكر في الرسالة الإسلامية بعيداً عن ضوضاء السيوف والقتال.
ويُلقي الضوء على كيفية تأييد القرآن لهذا المنحى السلمي، خاصة من خلال سورة الفتح التي نزلت معلنة هذا الصلح كفتح مبين، وهي تُظهر أن الفتح الحقيقي هو فتح العقول والقلوب وليس مجرد الغلبة العسكرية. يستخلص عبد الغني أن العنف والفوضى يعتبران عدوين للحق والعقل، حيث لا يهتم الناس في مثل هذه الأجواء بالاهتداء والبحث عن الحق، بل بالدفاع عن مواقفهم وسحق الخصوم.
في ختام تحليله، يدعو الدكتور عبد الغني المسلمين وغير المسلمين على حد سواء إلى إعادة النظر في كيفية فهم الإسلام وتطبيق تعاليمه في العصر الحديث. ويشدد على أهمية استخدام هذه التعاليم لبناء جسور التفاهم والسلام بين الشعوب والثقافات المختلفة، مؤكداً على ضرورة التركيز على القيم الإنسانية والأخلاقية التي تعزز الأخوة والتعايش بين الجميع. يُظهر بوضوح أن الإسلام، برؤيته الشاملة وتعاليمه العميقة، يمكن أن يكون قوة للخير في العالم، مقدماً الأمل والتوجيه للجميع في زمن تتشابك فيه التحديات العالمية بشكل متزايد.