أشارت دراسة أكاديمية بعنوان “القرآن منهج حياة” للباحث أنور محمود المرسي خطاب المدرس بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالسادات جامعة الأزهر أن القرآن الكريم نزل على الرسول ليكون هدى للبشرية.
وهو الأمر الذي يتفق مع ما كتبه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي حين قال في كتابه ” المسلون بين الخطاب الديني والخطاب الألهي ” لقد أنزل الله على رسوله القرآن الكريم الذي وضع الله فيه منهجا للحياة الدنيا من تشريعات وأخالق وقيم الفضيلة وخارطة طريق للآخرة تكسب الناس رضى الله ليفوزوا بالجنة وأما من اتبع هواه وخالف كتابه فيسخط الله عليه لينال عقابه يوم الحساب”
حيث اكدت الدراسة ان القرآن يحتوي على منهج للحياة الدنيا والآخرة، ويقدم تشريعات وأخلاق وقيم الفضيلة التي توجه الإنسان في تصرفاته وأفعاله ليحقق السعادة والرضا في الدنيا والآخرة.
فتري الدراسة القرآن الكريم يحتوي على تشريعات وقوانين شاملة تشمل مختلف جوانب الحياة، مثل العبادات، والأحكام القانونية، والسياسة، والاقتصاد، والأخلاق. يتضمن القرآن الكريم أحكامًا تنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والأسرية، وتحدد حقوق وواجبات المسلمين.
كما تشير الدراسة الي ان القرآن الكريم يدعو إلى الأخلاق الحميدة والفضائل النبيلة، مثل الصدق، والعدل، والرحمة، والعفاف، والصبر، والتواضع، والشكر. هذه القيم تعمل على بناء مجتمع متراحم ومتعاون يسوده التسامح والعدل.
وهو ما إشارات اليه الآيات الكريمة التالية
- قال الله تعالى في سورة التوبة (الآية 119): “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين.”
- قال الله تعالى في سورة النساء (الآية 58): “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.”
- قال الله تعالى في سورة الأنفال (الآية 69): “فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر.”
- قال الله تعالى في سورة الإسراء (الآية 32): “ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً.”
- قال الله تعالى في سورة آل عمران (الآية 200): “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.”
- قال الله تعالى في سورة الحجرات (الآية 13): “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم.”
- قال الله تعالى في سورة إبراهيم (الآية 7): “وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.”
وأوضحت الدراسة أيضا أن القرآن يحتوي على وصف واضح لما بعد الحياة الدنيا، ويقدم خارطة طريق للفوز بالجنة ورضا الله. يحث المسلمين على الاستعداد للحياة الآخرة من خلال القيام بالأعمال الصالحة والتقرب إلى الله بالطاعة والعبادة.
كما حذر القرآن الكريم من اتباع الهوى والخروج عن مبادئ الدين، وينبه إلى أن التمرد على أوامر الله والخروج عن كتابه يؤدي إلى سخط الله وعقابه في الآخرة.
وأكدت الدراسة علي ان القرآن الكريم يعزز الإيمان بالله ووحدانيته ويوضح مبادئ التوحيد والإيمان بالرسل والكتب السماوية. يدعو المسلمين للاعتقاد بالقضاء والقدر وثواب الأعمال الصالحة.
والقرآن الكريم يمثل للمسلمين الهداية السماوية الكاملة والنور الذي يضيء الدرب في حياتهم. يعتبر التزام المسلمين بتعاليم القرآن الكريم هو الطريق إلى الرضا الإلهي والسعادة في الدنيا والآخرة.
كما ان الالتزام بتعاليم القرآن الكريم واتباع منهجه في الحياة يمثل أساساً هاماً لتحقيق النجاح والتوفيق في الدنيا والآخرة. عندما يلتزم المسلمون بما جاء في القرآن الكريم، يكونون على طريق الاقتدار والتحصن من الأخطار التي تحيط بالإنسان في حياته.
وبحسب الدراسة فانه من تعليمات القرآن الكريم أن يرضى المؤمن بقضاء الله وقدره، وأن يتحلى بالصبر والسكينة في مواجهة التحديات والابتلاءات. هذا يمنح المسلم الطمأنينة النفسية والثقة في أن الله سيوفقه وينصره في كل أمر كما اقرت الدراسة ان القرآن الكريم يدعو إلى التوازن في الحياة وعدم الاستجمام في المشارق والمغارب. يُحث على موازنة الأمور الدينية والدنيوية، وعلى العدل والإحسان في معاملة الناس.
وأوضحت الدراسة ان القرآن الكريم يحث المسلمين على التعاطف والرحمة تجاه بعضهم البعض وتجاه جميع الكائنات في الكون. ذلك يؤدي إلى تكوين مجتمع حميمي ومحب وتقدير الآخرين.
الإنفاق والتكافل الاجتماعي: القرآن يحث على الإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ويشجع على تعزيز روح التكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع.
كما اشارت الدراسة الي ان القرآن الكريم يشجع على التعليم والتحصيل العلمي والبحث عن المعرفة، ويقدم العلم كوسيلة لتحقيق التقدم والتطور في سورة آل عمران آية 190-191: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَاب – الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ”
في سورة الزمر آية 9: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ”
في سورة النمل ، آية 40: “قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي”
بالإضافة إلى ذلك، يركز القرآن الكريم على القيم الأخلاقية والأخلاق الحميدة التي تحقق النمو الروحي وتجعل الإنسان أفضل إنسانية. يمثل القرآن الكريم إشراقة للقلوب والعقول، ويعيد ترتيب أولويات الإنسان في الحياة ويوجهه نحو المسار الصحيح والمنير.
وهو ما اوضحته الدراسة في ايات الذكر الحكيم في سورة الحجرات آية 13: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”
وفي سورة الإسراء آية 23-24: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”
وفي سورة البلد آية 10-12: وَقَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ”
وفي سورة النحل ، آية 90: “إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”
واختتمت الدراسة بأن القرآن الكريم هو كتاب الله الذي يحدد منهج حياة المسلمين. يعرض القرآن توجيهات وتشريعات شاملة تغطي كل جوانب الحياة الفردية والاجتماعية. يقدم القرآن الكريم الإطار الأساسي لسلوك المسلم في جميع مجالات الحياة بطريقة يمكن أن تواكب التطورات والتغيرات الحديثة. كما قالت ان القرآن الكريم يقدم منهجًا شاملاً لتحقيق السعادة والرضا في الحياة الدنيا والآخرة. يوجه المسلمين نحو مسار صحيح يساعدهم على تجاوز الصعاب والتحديات، ويعطيهم الأمل والثقة في رضى الله وفوزهم بالجنة في الآخرة.