اتفقت دراسة أسس النظام الاقتصادي الإسلامي في القرآن الكريم للدكتور أحمد الرحلي عضو هيئة التدريس بالتعليم العالي بالدار البيضاء مع ما كتبة المفكر علي محمد الشرفاء في كتابه ومضات علي الطريق الجزء الأول حين قال ” لا بد من وضع خطة مستقبلية تستوعب كافة الطاقات الاقتصادية وتوظيفها توظيفا علميا سليما، وبنظرة شمولية وحياد إلى كافة قطاعات المجتمع، والذي في النهاية إما أن يكون مجتمعا فعالا كل له دوره في التنمية، وإما أن يتحول المجتمع إلى طاقات معطلة مبددة ويتراجع التفكير الشمولي ليصبح تفكيرا محدودا ضيقا يكون محيطه دائرة الفرد والأسرة فقط مما يؤدي الى تفتت الجهد المشترك لمواجهة متطلبات التطور وعندها تبدأ الكارثة”
حيث اشارت الدراسة الي إن قطاع التجارة والمال لا يزدهر ولا ينمو إلا إذا توفر النمو والازدهار في قطاع الزراعة والفلاحة وقطاع الصناعات بمختلف أنواعها. وقطاع الصناعات يتوقف على ازدهار ونمو قطاع الزراعة والفلاحة وما في الأرض من مواد أولية للصناعة ومصادر الطعام لتغذية العنصر البشري الذي هو عامل أساسي من عوامل الإنتاج.
وأضافت الدراسة ان النظام الاقتصادي مجموعة من القواعد والمبادئ والقوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي، وهو ما يتعلق بالإنتاج والنقود والتبادل بين الناس كأفراد أو شركات ومؤسسات ودول.
كما أوضحت الدراسة ان هناك عدة أنظمة اقتصادية وضعية حدد الاقتصاديون قوانينهما ومؤسساتها حسب هواهم ومصالحهم كالنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي والاقتصاد الموجه.
وهناك النظام الاقتصادي الذي حدد الله تعالى معالمه وقوانينه في كتبه وشرائعه التي أنزلها للناس عبر مختلف مراحل الإنسانية، والقرآن الكريم هو الشريعة التي نسخ بها الله تعالى كل الشرائع السابقة وحدد فيه معالم نظام اقتصادي متكامل بين فيه القواعد العامة الآمرة وترك مسألة سن قوانين وضعية مطبقة لها للسلطة الإسلامية حسب تطورات المجتمع الإسلامي والنشاط الاقتصادي والتطور العلمي والتقني.
من الأحكام الشرعية الدالة على هذه الحقيقة ما يلي: يونس 3 ﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر﴾ والنور 42 ﴿ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير﴾
والزخرف 85 ﴿وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون﴾
طه 6 ﴿ له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ﴾
آل عمران 180 ﴿ ولله ميراث السماوات والأرض﴾
والحديد 10 ﴿ وما لكم لا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض﴾
والمؤمنون 84-85 ﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون﴾
البقرة 107 ﴿ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير﴾
المائدة 120 ﴿ لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير﴾
يونس 66 ﴿ ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض﴾
وأشارت الدراسة الي ان هذه الآيات الكريمة تؤكد أن الله تعالى هو الذي خلق الكون وكل ما هو موجود ومنه الأرض وما فيها وما عليها من أشياء ومخلوقات ومنها الإنسان. فنحن والمنشآت والأموال وكل مصادر الاقتصاد من مواد أولية ومنتجات وغيرها ملك لله تعالى يتصرف فينا كما يشاء لكن الله عز وجل عادل وحق ولا يظلم أحدا أبدا بل يجازي كل واحد عن أعماله. وأحيلكم على الفصل الثاني حول عدل الله تعالى المنشور في موقعي المذكور.
والله تعالى خلق الإنسان وسخر له ما في الدنيا واستخلفه للنيابة عنه في إعمار الأرض وممارسة النشاط الاقتصادي فيها ولكن في إطار نظام الاستخلاف وهو شرع الله. والدليل الشرعي:
الذاريات “56” ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ وعبادة الله ليست الصلاة فقط بل طاعة الله والالتزام بكل أحكام القرآن بما فيها القوانين الاقتصادية. النمل “62” ﴿ويجعلكم خلفاء الأرض﴾ والأنعام 165 ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم﴾. فالحياة الدنيا دار ابتلاء استخلفنا الله تعالى في ملكه ومنه مصادر نمو الاقتصاد والأموال ليرى من يتصرف فيها طبقا لقوانين الله وقرآنه ويطيعه باحترام نظام الاستخلاف فيحييه حياة طيبة في الدنيا والآخرة. ومن أعرض عن القرآن يعاقبه الله في الدنيا والآخرة. فاطر “39” ﴿هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا﴾
وهود “61” ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾
والأعراف 129 ﴿قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ﴾
الكهف “7” ﴿ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا﴾ كل ما على الأرض من زينة ومصادر النمو الاقتصادي خلقها الله تعالى واستخلف الإنسان ليتمتع بها ولكن بشرط الالتزام بالشرع الذي نزله لكل أمة حسب مرحلتها الزمنية، فهذا امتحان وابتلاء واختبار من الله للإنسان، وعلى أساسه يختار الله تعالى المؤمنين الصالحين المتقين الملتزمين بنظام الاستخلاف ليعودوا إليه ويحيوا حياة دائمة أبدية بعد البعث في الجنة، والدليل الملك 1 و 2 ﴿ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور﴾ الحديد “7” ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ هذه الآية دليل قاطع على أن ما تتصرف فيه من نشاط اقتصادي وما وفر لنا الله تعالى من خيرات الأرض ملك لله ونحن ملك له ونتصرف في الاقتصاد نيابة عنه لإعمار الأرض وعبادة الله تعالى.
ولكن الله تعالى حدد لهذا الاستخلاف قوانينه ونظامه في الشرائع التي أنزلها للناس وناسخها وخاتمها القرآن الكريم، وعلى ضوء تعامل الناس مع نظام الاستخلاف يتصرف الله تعالى في ملكه ومنه المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد سواء اقتصاد الفرد أو المجتمع، وهذا ما أبينه في النقطتين أ و ب.
أ- الأدلة الشرعية على أن الله تعالى هو الذي يوفر للناس مصادر نمو الاقتصاد.
تأملوا إخواني آيات الكون. معمل النسيج يتوقف نشاطه الاقتصادي على المواد الأولية وهي الصوف والقطن والماء وعلى عمل الإنسان لتحويل هذه المواد إلى ألبسة جاهزة، فإذا انقطع المطر عدة سنوات وانتهى الاحتياط ونفذ هل ينبت القطن وهل تبقى الحيوانات التي تعطى الصوف، إذا لم تجد ما تأكل بسبب موت النباتات لعدم وجود الماء؟ وهل يستطلع الإنسان العمل إذا لم يجد مصادر الطعام؟ طبعا يتوقف النشاط الاقتصادي للمعمل.
وهذا المثل ينطبق على كل القطاعات الاقتصادية الأخرى. فإذا انهار الاقتصاد الزراعي والفلاحي ينهار حتما الاقتصاد الصناعي والتجاري والمالي. وما هو سبب ازدهار أو عدم ازدهار الاقتصاد الزراعي والفلاحي؟ إنه رزق الله من السماء وهو الماء ورزق الأرض وهو ما ينبت فيها من نباتات وزرع وأشجار وفواكه ومعادن وغيرها طبعا عمل الانسان أساسي لنمو الاقتصاد. كل نشاط اقتصادي يتوقف على رزق الله من السماء والأرض بل كل المخلوقات الحية ومنها الإنسان تموت إذا منع الله نزول الماء وبركات الأرض. الطائرة تتوقف وتسقط من السماء إذا مات قائدها جوعا. هذه أدلة منطقية وحقيقية ومحققة في الواقع ومقنعة ولا أحد نهائيا يملك دليلا موضوعيا على ما يخالفها. لا أحد يستطيع إنزال الماء من السماء، إلا الله عز وجل. وأعطى أدلة شرعية من القرآن الكريم لأنه كلام الله تعالى وحق وصدق. البقرة 21-22 ﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون﴾ لقمان “20” ﴿ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير﴾ سبأ “24” ﴿قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله﴾ العنكبوت “17” ﴿إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون﴾. وقال الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه الصلاة والسلام نوح “10” “12” ﴿فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا﴾
والحجر “19” “22” ﴿والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين. وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين﴾ الأعراف “10” ﴿ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون﴾.
إن توفير مصادر معيشة الإنسان وهي الماء الذي ينزله الله تعالى وما ينبت بحكمته وخلقه من الأرض هو المصدر الأساسي لكل نشاط اقتصادي وعليه تقوم كل الأنشطة الاقتصادية سواء في الفلاحة أو الصناعة والتجارة، لهذا قال الله تعالى عن الزوجات مما ملكت الإيمان في: النور “33” ﴿وآتوهن من مال الله الذي آتاكم﴾ والحديد “7” ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾. فكل ما يهم الاقتصاد من أشياء منقولة وغير منقولة وأموال ملك لله تعالى. والإنسان متصرف فيها بالنيابة عن الله تعالى. الإسراء “6” “7” ﴿وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها﴾ غافر “61” ﴿إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون﴾ فالنعم التي يتمتع بها بنوا آدم في الدنيا فضل من الله تعالى ورزقه إن أمسكه تموت كل الكائنات الحية ومنها الإنسان. والدليل: الداريات “58” ﴿إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين﴾ فهو يرزق الناس من الماء وما ينبث في الأرض، وإن شاء وفر أسباب الرزق الأخرى مكافأة للمتقين أو ابتلاء وإن شاء أمسك أسباب الرزق عقابا للمجرمين أو ابتلاء، والداريات “22” “23” ﴿وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾ فالله تعالى هو الذي يوفر مصادر طعام كل المخلوقات الحية ومنها الإنسان. هود “6” ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين﴾، ولكن فرض الله تعالى العمل على كل مخلوقاته للبحث عن طعامها ومنها الإنسان، فالطائر لا يأتيه طعامه إلى عشه والإنسان لا تأتيه التفاحة من الشجرة إلى سريره. الله تعالى مصدر نمو الاقتصاد وتكوين الأموال والدليل: المدثر “11” “17” ﴿ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا﴾.
الله تعالى ربط توفير مصادر الرزق ونمو الاقتصاد بالتقوى أي طاعة الله واحترام نظام الاستخلاف وهو شرع الله تعالى.
طه “81” ﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ إبراهيم “31” ﴿قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال﴾. فكل ما على الأرض من خيرات أصله رزق الله تعالى. ومن الآيات المؤكدة لذلك غافر “13” ﴿هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب﴾ يس “33” ﴿وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون﴾
والنمل “64” ﴿أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإلاه مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنت صادقين﴾. شجرة التفاح بدرتها الأولى خلقها الله تعالى ولولا الماء الذي لا ينزله إلا الله لما كبرت ولما أعطتنا التفاح، ملايير البشر في الكون أصلها من آدم، ولولا مصادر الطعام التي يتكون منها المني لما تناسل البشر، الدجاجة تخلق من البيضة ولكن الدجاجة التي باضت البيضة الأولى خلقها الله تعالى، فكل مصادر الطعام والمواد التي يحتاج إليها نمو الاقتصاد من خلق الله تعالى الذي يتصرف فيها، والأدلة ما يلي:
الأعراف “96” ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون﴾ الجن “16” “17” ﴿وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غذقا لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا﴾ والشورى “26” ﴿ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد﴾ والشورى “27” ﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير﴾.
فاسألوا التاريخ أيها الناس فكلما طغى الطغاة حطمهم الله بأسباب متعددة وهو على كل شيء قدير ويضع لكل عقاب أجلا. والجاثية “5” ﴿وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون﴾ وق “9” “11” ﴿ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج﴾ الملك “15” ﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾ النازعات “30” “33” ﴿والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم﴾ الحديد “29” ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾. وفضل الله تعالى هو ما يوفر من رزق السماوات والأرض. ولهذا أمر الله تعالى المسلمين بالعمل للكسب من فضل الله عز وجل الجمعة “10” ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾ الأعراف “32” ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون﴾
والبقرة “267” ﴿يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض﴾، هذه الآية دليل على أن عمل الإنسان أي نشاطه الاقتصادي ضروري لنمو الاقتصاد الفردي واقتصاد المجتمع. وسوف أتعرض للأحكام الشرعية التي تفرض العمل الحلال للكسب من رزق الله وفضله عندما أتعرض للقوانين الاقتصادية الإسلامية. والشعراء “132” “134” ﴿واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون﴾ والنبأ “14” “16” ﴿وأنزلنا من المعصرات ماء تجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا﴾ والأعراف “57” ﴿وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون﴾
فالدورة المائية كما اكتشفها العلماء من خلق الله الذي خصص لها ملائكة يسيرونها بأمره. وأضيف الأحكام الشرعية المؤكدة أن الله تعالى يتحكم في مصادر النشاط والنمو الاقتصادي، وإني أكثرت منها لتدعيم البرهان والدليل ومنها النمل “60” ﴿أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإلاه مع الله بل هم قوم يعدلون﴾ والشعراء “7” “8” أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين﴾. والفرقان”48″ “50” ﴿وهو الذي أرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا﴾ فالماء أصل الحياة وهو المصدر الأساسي والضروري لكل نشاط اقتصادي بدون الماء لا حياة ولا اقتصاد. أكد ذلك الله تعالى في الأنبياء “30” ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون﴾ هل يستطيع الإنسان العيش بدون ماء وطعام هل هناك من يوفر الماء للناس إذا أمسكه الله تعالى؟ إن مصادر نمو الاقتصاد بيد الله تعالى: فاتقوا الله أيها الناس وتدبروا القرآن الكريم والتزموا به يوفر لكم الله تعالى رزق السماء والأرض. وتدبروا أيها الناس هذه الآيات التي ذكرتها ومنها عبس “24” “32” ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم﴾ والإسراء “70” ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾ لقمان “20” ﴿ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير﴾ وقريش “1” “4” ﴿لإيلاف قريش إلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾. هذه الأحكام الشرعية التي أدليت بها في هذا البحث دليل قاطع وبرهان مؤكد على أن اقتصاد الفرد والمجتمع خاضع لإرادة الله تعالى لأن عوامل الإنتاج الأساسية خاضعة لإرادة الله تعالى ولا أحد يوفرها غير الله عز وجل.
وخلصت الدراسة الي إن قطاع التجارة والمال لا يزدهر ولا ينمو إلا إذا توفر النمو والازدهار في قطاع الزراعة والفلاحة وقطاع الصناعات بمختلف أنواعها. وقطاع الصناعات يتوقف على ازدهار ونمو قطاع الزراعة والفلاحة وما في الأرض من مواد أولية للصناعة ومصادر الطعام لتغذية العنصر البشري الذي هو عامل أساسي من عوامل الإنتاج. والنمو الاقتصادي ومصادر الطعام يتوقف على بركات ورزق الله من السماء والأرض أي الماء وما يخلق الله في الأرض من نباتات ورزق ومعادن وغيرها، من الخضر والفواكه. ومما يؤكد هذه الحقيقة أن الإنسان ولو أراد العمل لكسب المعيشة ومهما تطورت وسائل عمله فإن ذلك لا يفيده شيئا إذا منع الله تعالى رزق السماء والأرض، هل هناك من يوفره للإنسان؟ الله وحده يتحكم في المصادر الأساسية لنمو الاقتصاد بل حياتنا في الدنيا خاضعة لإرادة الله تعالى في أية لحظة، فآمنوا أيها الناس وأطيعوا الله واعملوا بأحكام القرآن الكريم واشكروا الله تعالى على نعمه وفضله وإحسانه لأن هذه القوانين الاقتصادية حتمية وحقيقية ومؤكدة فعلا في الواقع وعبر مراحل التاريخ البشري.