أكد الشيخ محمد شهدي امام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية أن الوضع الراهن الذي يشهده العالم الإسلامي من انقسامات وصراعات طائفية بين السُنة والشيعة، ما هو إلا نتيجة للابتعاد عن المنهج القرآني والانغماس في الروايات والأحاديث المتناقضة التي لا تمت للإسلام بصلة، متفقا مع ما كتبه المفكر العربى علي محمد الشرفاء فى مقاله ” من الفتنة الى الوحدة”. وأوضح أن هذه الفتن التي تفرق بين المسلمين قد تم استغلالها من قبل أعداء الإسلام لإضعاف الأمة واستنزاف طاقاتها في حروب داخلية لا طائل منها.
وأضاف الشيخ شهدي إن القرآن الكريم يدعو إلى الوحدة والتآلف بين المسلمين، ويحثهم على الاعتصام بحبل الله المتين، ويجب علينا أن نعود إلى هذا المنهج القرآني وأن نتجاوز الخلافات التي زرعها الشيطان بيننا. وأوضح أن الله سبحانه وتعالى حذرنا من الانقسام والتنازع في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} هذا هو السبيل الوحيد للخروج من نفق الفتن المظلم والعودة إلى طريق الوحدة والنهوض بالأمة الإسلامية.
وأكد الشيخ محمد شهدي أن الإسرائيليات التي أُدرجت في كتب التفسير قد شوّهت مقاصد علم التفسير، والأحاديث الموضوعة والمتعارضة مع القرآن الكريم قد أثرت سلباً على فهم النص النبوي الشريف. وقال شهدي أن إصرار بعض شراح الحديث النبوي على إثبات ما لا يمكن قبوله عقلاً ولا منطقاً، مثل إثبات الإمام ابن حجر العسقلاني صحة قصة الغرانيق، يدل على تشوش الرؤية للمقصد الأسمى، وورود أحكام فقهية تتنافى مع المنطق السليم وتتعارض مع نصوص الوحي المعصوم هو دليل على غياب المقصد وفقدانه، مما أثار الشبهات حول هذه العلوم.
وطالب الشيخ شهدي بضرورة قراءة التراث الإسلامي في ضوء المقاصد المبتغاة من تدوينه، مضيفاً: “علينا أن نقرأ كل مجال من مجالات التراث الإسلامي من خلال المقاصد التي دُون من أجلها. ما وافق منها مقصده قبلناه، وما حاد عن مقصده نعمل فيه علوم التشريح إما لعلاجه أو استئصال مشاكله”.
وأشار إلى أن تقليد السلف بشكل أعمى ليس ظاهرة جديدة، لافتاً إلى أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذا السلوك عندما انتقد مقولة “حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا”، وجاء الرد القرآني: “أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون“.
وأضاف الشيخ شهدي أن هذه العادة القبيحة في عبادة السلف تعود إلى قصة نوح عليه السلام، حين عبد قومه السلف الصالح يغوث ويعوق ونسراً. وأوضح: “تطورت أشكال هذه العبادة مع تقدم الزمن، فعندما تأتي حضارة ضعيفة بعد حضارة قوية، فإن الجيل الضعيف لا يجرؤ على مفارقة أفكار سلفه القوي. هذا السلوك يعيق التقدم ويمنع المسلمين من الاستفادة الكاملة من تعاليم الإسلام الصحيحة، ويجب علينا أن نتحرر من هذه القيود ونعود إلى قيم الإسلام الحقيقية، التي تدعو إلى العلم والعدل والتقدم.
وشدد الشيخ شهدي على أن الحل يكمن في العودة إلى القرآن الكريم وفهمه الفهم الصحيح، بعيداً عن التفاسير المغلوطة والأحاديث الموضوعة التي شوهت صورة الإسلام. “علينا أن نتعلم من دروس التاريخ وأن نتجنب الأخطاء التي وقع فيها أسلافنا، إن الوحدة الإسلامية ليست مجرد حلم، بل هي هدف يمكن تحقيقه إذا عدنا إلى القرآن الكريم وأعلينا قيمه ومبادئه في حياتنا اليومية، بهذه الطريقة فقط يمكننا مواجهة التحديات المعاصرة وتحقيق نهضة حقيقية للأمة الإسلامية“.