في كتاب “عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين باللغة الإنجليزية، يقوم المؤلف ديفيد ريف بالغمر في أعماق أحد أكبر التحديات التي تواجه الإنسانية اليوم. في زمن شهد تقدمًا تكنولوجيًا غير مسبوق، يظل الجوع يعتبر وصمة عار على وجه الإنسانية، خاصة في العديد من المناطق التي تعاني من الفقر والنقص في الموارد.
ولم يكتفي ريف بتقديم صورة لحالة الجوع في العالم، بل يبحث أيضًا في الأسباب الكامنة وراء هذه القضية المعقدة. يتساءل: كيف يمكن لعالم غارق في الثراء والتكنولوجيا أن يسمح لملايين البشر بالمعاناة من نقص الغذاء؟ ولماذا تبدو الحلول المقترحة حتى الآن غير كافية أو غير فعالة؟
والكتاب، بعنوانه الثقيل، يدعو القارئ للتفكير في العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على توزيع الغذاء والثروة في العالم. يقدم ريف نقدًا لأساليب المساعدات الدولية، ويشير إلى الفجوة بين النوايا الحسنة والنتائج العملية على أرض الواقع.
“عار الجوع”، أو “The Reproach of Hunger”، هو دعوة لإعادة النظر في أساليبنا واستراتيجياتنا في مكافحة الجوع، وهو تذكير بأن هذه القضية ليست مجرد رقم إحصائي، بل هي مأساة إنسانية تحتاج إلى حلول جذرية ومبتكرة.
ويقول الكاتب انه في عالم اليوم المترابط، فهم الجوع العالمي ليس فقط عن التعرف على العدد الهائل للأشخاص الذين يواجهون نقصًا في الغذاء، بل هو أيضًا عن فهم التعقيدات الاقتصادية والسياسية العميقة المحيطة بهذه القضية. في كتاب “عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين”، يقدم ديفيد ريف تحليلًا ذا نظرة ثاقبة يغمر فيه أبعد من أرقام الجوع، بهدف إلقاء الضوء على التحديات والقضايا المنظومية المرتبطة بالجوع.
يقدم الكتاب إدراكًا مؤلمًا: في عصر شهد ثورات تكنولوجية في العديد من القطاعات، لا يزال الجوع تحديًا مستمرًا. وهذا ليس فقط بسبب نقص الموارد، بل في كثير من الأحيان بسبب التوزيع غير المتكافئ لهذه الموارد. ينتج العالم غذاءً يكفي لإطعام الجميع، ولكن التفاوتات في التوزيع والاختلافات الاقتصادية وديناميات السلطة تؤدي إلى ترك أجزاء كبيرة من سكان العالم جائعين.
يجادل ريف أن الحالة المعاصرة للجوع العالمي هي نتيجة لخيارات السياسات الدولية، والأنظمة الاقتصادية، والإرادة السياسية (أو عدم وجودها) بقدر ما هي عن الإنتاج الزراعي أو التحديات المناخية. وهو يدفع القارئ للتعرف على أن الجوع، في القرن الحادي والعشرين، ليس مجرد مأساة ولكنه انتقاد حاد لفشل النظام العالمي.
في الختام، يحث كتاب “عار الجوع” على نظرة شاملة للجوع العالمي. من خلال فهم تعقيداته والعوامل المتعددة التي تسهم فيه، نكون في موقع أفضل لمعالجته بفعالية. وهذا ليس فقط عن إنتاج المزيد من الغذاء، ولكن التأكد من أنه يصل إلى الأشخاص الذين يحتاجونه أكثر.
ويشير الكاتب الي انه في عالم اليوم المتقدم، نجد تناقضًا غريبًا: بينما يستمتع جزء صغير من السكان بثروة هائلة، يكافح الجزء الأكبر من البشر للحصول على الحاجيات الأساسية، وخاصة الغذاء. يتناول ديفيد ريف، في كتابه “عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين”، دور التفاوتات الاقتصادية وكيف تؤثر بشكل أساسي في الأمن الغذائي على مستوى العالم.
تتجاوز التفاوتات الاقتصادية مجرد تعريف من يملك الثروة ومن لا يملكها، فهي تؤثر أيضًا في النظم التي يمكن أن تتناول مشكلة الجوع. قد تجد الدول الغنية بالموارد أن جزءًا كبيرًا من سكانها يعانون من سوء التغذية، رغم وجود ثرواتهم، إذا كان هناك توزيع غير متكافئ للثروة. وعلى نطاق عالمي، تحدد الهيكلية الاقتصادية بين الدول من يحصل على المساعدات ومن لا يحصل، حتى في أوقات الأزمات الغذائية الخطيرة.
يعتقد ريف أن النظم الاقتصادية العالمية، في حالتها الحالية، غالبًا ما تعزز هذه التفاوتات. قد تفضل اتفاقيات التجارة الدولية تصدير المنتجات من الدول الأغنى في حين تهمل المنتجات الزراعية من الدول الفقيرة. ونتيجة لذلك، يجد المزارعون الصغار في الدول النامية، رغم إنتاجهم للغذاء، أنفسهم في وضع غير موات، غير قادرين على المنافسة في السوق العالمي وكثيرًا ما يكافحون من أجل البقاء المحلي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن احتكار إنتاج الغذاء من قبل عدد قليل من الشركات متعددة الجنسيات، التي تتمتع بقوة مالية ضخمة، غالبًا ما تُعطي الأولوية للربح على حساب توزيع الغذاء. وهذا يؤدي إلى حالات حيث يتم هدر الغذاء أو تحويله إلى أسواق أكثر ربحية بدلاً من وصوله إلى من هم في أمس الحاجة إليه.
وأخيرًا، يُسلط كتاب “عار الجوع” الضوء على مدى تشابك مشكلة الأمن الغذائي مع النظم والهياكل الاقتصادية العالمية. ومن الواضح أن هناك حاجة ملحة لمعالجة هذه التفاوتات الاقتصادية العريضة من أجل مستقبل أكثر أمانًا من الناحية الغذائية.
وفي الختام، يُعد “عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين” نداءً ملحًا للعمل. يدعونا لمواجهة واقع الجوع المزعج في عصر الوفرة ويتحدانا لإعادة تصور عالم حيث تكون العدالة، والمساواة، والكرامة الإنسانية أكثر من مجرد مثاليات.
فكيف ستتطور مستقبل الأمن الغذائي؟ رؤى من كتاب ‘عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين’
في الكتاب المستفيض “عار الجوع: الغذاء والعدالة والمال في القرن الحادي والعشرين”، يتم تفصيل مستقبل الأمن الغذائي، مُقدمًا رؤى عميقة حول الاتجاه الذي قد نتجه إليه والعقبات والحلول المحتملة في الأفق.
وعلى الرغم من كل ما قدمه الكتاب من عرض لمشكلة الجوع وبعض الحلول الان ان كتاب الزكاة للمفكر العربي علي الشرفاء يرد على كل هذه الإشكاليات ويضع لها الحلول بمنتهي البساطة والحرفية حين يقول ” الهدف المحوري في الخطاب الإلهي حول الزكاة، ألا وهو إرساء قاعدة التكافل الاجتماعي في أجل صوره، وكان تعبير الخطاب الإلهي «الإنفاق في سبيل الله»، وهذا الإنفاق هو نوع من الجهاد، وعليه يُعد سعي الأمة للتكافل فيما بينها جهادًا في الله وسعيًا إلى مرضاته، وفي ذلك يقول الله تعالى: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة: 261).
حيث اعتبر الشرفاء الزكاة صمام أمان الأوطان فهي فريضة الزكاة في التشريع الإلهي الضمانة الحامية لروح التكافل الاجتماعي داخل الأوطان، حين أرادها فرضًا وعبادة يأثم تاركها إن كان قادرًا على البذل في حين أنه سبحانه وتعالى قد أعفى الفقير من العطاء، فليس عليه من زكاة ما دام غير قادر، لذا شرعت لتكون بمثابة التقاء بين الأغنياء والفقراء فيه يعطي من منحه الله المال لمن هو في أشد الحاجة إليه، وذلك باعتبار أن المال هو مال الله، وقد جعل الله الأغنياء وسائط ووسائل لتوصيلة لمستحقيه، حيث يُعتبر الزكاة في الخطاب الإلهي من هذا المدخل تكون طوقًا للنجاة من الفقر، حين يعطي من معه لمن ليس عنده ما تقوم به حياته وتستقر.