في تعقيبه على مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي حول “الأسباب الخفية وراء الانقسامات الإسلامية”، عبر الدكتور عبد الرحيم عز الدين عن تقديره للجهود المبذولة في تسليط الضوء على جوانب معقدة من التاريخ الإسلامي وتفسير النصوص الدينية.
قال عبد الرحيم إن النقاش حول الأحكام الشرعية والاجتهادات النبوية يُظهر أهمية التدبر والفهم العميق للنصوص الدينية، لافتا إلى أن الآية القرآنية من سورة الحج التي تتحدث عن نسخ ما يلقي الشيطان في أمنية النبي، تُسلط الضوء على ديناميكية الوحي وتأثيرها على الفقه الإسلامي.
أضاف، يجب أن نفهم أن الأمر لا يتعلق بالنصوص الدينية فحسب، بل بكيفية تطبيق هذه النصوص في سياقات مختلفة، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان يجتهد في تطبيق الأحكام الشرعية بناءً على الوحي الذي يتلقاه، وهو ما يُعد مثالاً يُحتذى في الاجتهاد الديني.
وتابع الدكتور عبد الرحيم: “من المهم أن نعي أن الدين الإسلامي، كما جاء في القرآن الكريم، يدعو إلى التيسير وليس التعسير، والأحكام الشرعية تأتي لتخدم الإنسانية وتحفظ كرامتها، وليس لتكون عبئاً على الناس.”
وأكد عبد الرحيم على الحاجة إلى نقد الفهم التقليدي للنصوص الدينية، متابعا “من الضروري إعادة النظر في بعض الفتاوى والتفسيرات التي قد تكون ناتجة عن فهم معين في زمن معين، والعمل على تحديث هذه الفهوم لتتناسب مع المتغيرات المعاصرة والحقائق العلمية الجديدة، فهذه العملية تتطلب جرأة فكرية وموضوعية علمية، وهو ما يجب أن يكون جزءاً من جهودنا المستمرة في تجديد الخطاب الديني” .
وأضاف أن التحديات المعاصرة التي تواجه العالم الإسلامي تتطلب منا أن نعود إلى جوهر الإسلام الذي يركز على قيم الرحمة والعدالة والمساواة، ولا يمكننا أن نغفل عن أهمية التعايش والتسامح الذي شدد عليه الإسلام في التعامل مع الاختلافات الفكرية والدينية داخل المجتمعات المسلمة وخارجها.
ونوه عبد الرحيم إلى أهمية تطبيق المبادئ الإسلامية بمرونة تتناسب مع الواقع الحياتي والظروف المختلفة، مشيراً إلى أن الإسلام دين يسر لا عسر، وهو يشجع على التفكير والاجتهاد في فهم النصوص الدينية، مؤكدا على أن توجيه العلماء يجب أن يكون في ضوء الأدلة الشرعية والحقائق العلمية، بما يخدم مصلحة الأمة ويحافظ على الدين مع التأكيد على الرحمة والعدل الذي يعد من صميم تعاليم الإسلام.
كما شدد على ضرورة العمل على نشر الوعي بأهمية التجديد الفكري وتقديم صورة الإسلام الحقيقية كدين محبة وسلام، موضحا أن التعليم والتثقيف الديني يجب أن يركز على تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية، وتمكين المجتمعات المسلمة من التفاعل الإيجابي مع العالم المعاصر، محتفظين بالهوية الإسلامية الغنية ومساهمين في تقدم الحضارة الإنسانية.
واكد على دور العلماء والمفكرين في ريادة هذا التجديد، قائلاً: “يجب على علماء الدين والمفكرين الإسلاميين أن يأخذوا زمام المبادرة في هذه العملية، مستندين إلى منهج علمي دقيق ونقد بنّاء يسهم في تعزيز فهمنا للدين ويساهم في حل الإشكاليات المعاصرة، وعلينا أن نعمل جميعاً على بناء جسور الحوار والتفاهم لتعزيز الوحدة والسلام في مجتمعاتنا.”
في ختام تعقيبه، شدد الدكتور عبد الرحيم على أهمية البحث العلمي والفكري في تفسير النصوص الدينية، مؤكداً أن “الفهم العميق والتدبر في كتاب الله وسنة رسوله هو السبيل لتجاوز الانقسامات والفتن التي تمزق الأمة، ولكي نعيش في سلام وتفاهم.”