نستعرض اليوم دراسة بعنوان ” خصائص وسمات المناهج الدراسية في ضوء التربية الإسلامية ” للدكتور وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة، يشرح فيها كيف يمكن إستنتاج مجموعة من الخصائص والسمات التى يجب أن تتسم بها المناهج الدراسية في ضوء التربية الإسلامية والتي أشار فيها الي مفهوم الصبغة الدينية حيث يغلب على أهدافها ومحتوياتها وطرقها وأساليبها ووسائلها الصبغة الدينية من حيث صياغاتها في إطار الدين والأخلاق، وهي تقصد في المقام الأول تحقيق أغراض دينية وخلقية بعيدة عن الأهواء والأحقاد والعصبية.
ويوضح الباحث أنه من الأهمية أن يعتنى المنهج بالجوانب الشخصية للمتعلم سواء أكانت الجوانب الجسمية أو العقلية أو النفسية أو الاجتماعية أو الروحية. كما أنها تشمل في محتوياتها مختلف المقررات والأنشطة من علوم الدين والدنيا الشرعية والنقلية، وذلك نتيجة الحرية العملية التي سادت في مختلف العصور الإسلامية، لذا نجد من العلماء المسلمين من كان موسوعيا في معرفته كابن رشد، والفارابي، والغزالي، وابن خلدون وغيرهم.
علي الشرفاء:
القرآن الكريم يحتوي على العديد من الآيات التي تحث على العلم والتعليم، والتي يمكن أن تكون أساساً لتصميم منهج تعليمي شامل يشمل جوانب مختلفة من الحياة الإنسانية.
وهو ما يتوافق مع رؤية المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي التي أشار اليها في عدد من كتبه حيث أشار المفكر العربي علي الشرفاء الي أن القرآن الكريم يحتوي على العديد من الآيات التي تحث على العلم والتعليم، والتي يمكن أن تكون أساساً لتصميم منهج تعليمي شامل يشمل جوانب مختلفة من الحياة الإنسانية. ومن الأمثلة على ذلك الأيات القرآنية التي تحث على الأخلاق الحميدة والقيم الإنسانية السامية، مثل العدل والرحمة والتسامح والصدق والإخلاص، ويمكن تضمين هذه القيم في المنهج التعليمي من خلال الدروس والنشاطات المتنوعة التي تعزز هذه القيم في الطلاب.
كما أشار المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي الي ان القرآن الكريم يدعو إلى البحث والتدقيق في الأمور، وتشجع على دراسة الكون وفهم آيات الله في خلقه، لذلك يمكن تضمين مادة العلوم في المنهج التعليمي وتعزيز الاهتمام بالعلوم الشرعية والدنيوية.
كما أوضح الشرفاء ان القرآن الكريم يعد أعظم المعجزات اللغوية، وتحوي أسلوباً رائعاً ونحواً فصيحاً، ولذلك يمكن تضمين تعليم اللغة العربية في المنهج التعليمي لتعليم اللغة العربية وفهم أساليب الكلام في القرآن الكريم.
كما أشار الشرفاء الي ان القرآن الكريم يشجع على التفكير النقدي والتدقيق في الأمور، وآياته تحث على تحليل الأفكار والنظريات، ويمكن تضمين هذه المهارة في المنهج التعليمي من خلال تنمية مهارات التحليل والتفكير
وهو ما يتفق مع ما قاله بحث “خصائص وسمات المناهج الدراسية” في ان التوازن بين محتويات المنهج من العلوم والفنون يحقق النمو الشامل والمتكامل والمتوازن لكل من الفرد والمجتمع ويهتم بجميع العلوم والفنون والأنشطة التربوية النافعة.
وأيضا يري الباحث في بحثه انه من خلال الاهتمام بالنشاط الرياضي والبدني والعلوم المهنية واللغات الأجنبية والفنون على اختلافها بصورة فردية لمن له استعداد وموهبة، وهى خاصة تؤكد الشمول والتوازن ولولا هذا الاهتمام ما وصل إلينا هذا الكم من التراث الثقافي.
كما أوضح الدكتور وجيه المرسي أبولبن، ان هناك ارتباط للمنهج الدراسي باستعدادات المتعلمين وميولهم وقدراتهم وحاجاتهم، ومراعاة ما بينهم من فروق فردية وارتباطه بالبيئة الثقافية والاجتماعية التي يطبق فيها وبحاجات المجتمع الإسلامي ومشكلاته المتطورة فهو يرفع من شأن كل تقدم حقيقي ولا يرضى بأن تكون مناهج التعليم في مجتمعه مختلفة عن روح العصر.
هذا بالإضافة الي الأساس الديني الذي تستمد جميع نظم المجتمع بما فيها التعليم فلسفتها وأهدافها ومناهجها من الدين الإسلامي بكل محاوره، عقيدة وعبادات ومعاملات وعلاقات، حيث تسعى المناهج إلى مساعدة المتعلمين على بناء الإيمان القوى السليم وعلى غرس روح التمسك في الأفراد بروح الدين وتعاليمه وأخلاقه مع تبصيرهم بالحلال والحرام وتزيد من وعيهم الديني والفكري والاجتماعي وتعدهم للعمل المنتج النافع، ويتحقق ذلك من خلال منهج يتسم بالشمول والسعة لكل ما أنتجته الحضارة.
د/ وجيه المرسي أبولبن
تسم فلسفة التربية الإسلامية بشخصيتها المستقبلية وطابعها المتميز الذي ذلك الطابع يستمد وجوده من الوحي الإلهي الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذا الاستقلال لا يعنى أنها لا تتفق وبعض الملامح من الفلسفات الأخرى
خاصة انه وبحسب البحث تتسم فلسفة التربية الإسلامية بشخصيتها المستقبلية وطابعها المتميز الذي ذلك الطابع يستمد وجوده من الوحي الإلهي الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذا الاستقلال لا يعنى أنها لا تتفق وبعض الملامح من الفلسفات الأخرى؛ حيث تؤمن بالروحية والمثل العليا كما تؤمن الفلسفة “المثالية ” وهذا من شأنه أن يجعل واضعي المناهج يصبغوا أهدافها ومحتوياتها بالصبغة الدينية والخلقية، كما تتفق مع الفلسفة “الواقعية الطبيعية” في الإيمان بأن العالم المحسوس هو عالم حقيقي له استقلاله عن العقل الذي يدركه، والإيمان بأن الواقع الموضوعي معرض لعمليات التطور والتغير، ومن ثم ضرورة اهتمام المناهج بواقع الحياة وضرورة احتواء هذه المناهج على أحسن المعلومات عن الواقع الذي يحيط بنا، وضرورة دراسة ظواهر الطبيعة ومحاولة الكشف عن القوانين التي تحكم سيرها وتطورها وتغيرها. كما تتفق الفلسفة الإسلامية مع الفلسفة “الإنسانية العقلية ” في إعلائها شأن العقل والعلوم الإنسانية لذا فهي تؤكد على الجوانب العقلية وتربية العقل مع تنظيم مادة الدراسة بطريقة منطقية ووصفية، ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، ووجه الشبه بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة “البراجماتية ” الإيمان بضرورة الكشف عن مجالات النفع في الأشياء التي تخدم الإنسان، والإيمان بأهمية التجريب والابتكار مع احترام حريات الأفراد واستعداداتهم و ميولهم واتجاهاتهم.
أيضا يؤكد البحث علي ان التربية الإسلامية لم تغفل مراعاة خصائص المتعلمين، ومستويات نضجهم، واستعداداتهم الجسمية والعقلية واللغوية والانفعالية والاجتماعية، وحاجاتهم ورغباتهم وميولهم وقدراتهم وما بينهم من فروق فردية والعوامل التي تحكم أو تؤثر في فهمهم وتعلمهم وإدراكهم للأشياء وتفكيرهم إلى غير ذلك من الأمور النفسية، أو ذات الصلة بالجوانب النفسية في شخصية المتعلم التي تكون في مجموعها الأساس النفسي لمناهج الدراسة وللعملية التربوية.
كما أشار البحث الي ان الأساس الاجتماعي يشمل خصائص المجتمع الإسلامي الذي تتم فيه العملية التربوية، وثقافة هذا المجتمع في عمومياتها وخصوصياتها، وما يدخل هذه الثقافة من أفكار ومعارف ومعتقدات وقيم ومثل ومهارات وطرق تفكير، وطرق معيشة وعادات وتقاليد، وقوانين ونظم وآداب وفنون وغير ذلك من عناصر الثقافة داخل المجتمع، ومن المعروف أن التربية لا تتم في فراغ بل في إطار مجتمع له طابعه وشخصيته المميزة وله أهدافه وآماله وطموحاته ومن واجب هذه التربية أن توثق صلتها بالمجتمع والثقافة حيث تتم في إطارها، وتراعى هذه الثقافة داخل المجتمع من حيث تحديد أهدافها ومناهجها وطرقها ووسائلها وغير ذلك.