كشفت دراسة التكامل الاقتصادي العربي” المسار والتحديات ” للباحث محسن الداوي أن الاقتصادات العربيةتواجه ، شأنها شأن بقية دول العالم، تحديات القرن الحادي والعشرين والعولمة. ويلاحظ أن العديد من دول العالم بمختلف مستوياتها لجأت بشكل أو بآخر إلى تبني التكامل الاقتصادي لمواجهة هذه التحديات يجب ان يتم انشاء تكامل اقتصادي بين كافة الدول العربية
وهو ما يتفق مع ما يقوله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه ” ومضات على الطريق” إن هناك المزيد من التردي الاقتصادي والتراكمات التي انعكست عن الواقع السياسي للأمة ويجد الشرفاء أن هناك مسببات قادت إلى التردي الاقتصادي العربي كما يري الشرفاء إن مشاكل الاقتصاد العربي المزمنة معروفة في عللها وتشخيصاتها النظرية الأكاديمية، والتي تفرض ذاتها ووجودها أكثر من أية تحليلات رسمية، ورؤى رغبوية، وأمنيات ذاتية، تأتي فقط من باب الآمال العربية المعقودة على حدوث نهوض، وربيع اقتصادي وسياسي عربي قادم حقيقي غير مزيف.
وهناك أيضًا الارتفاع الكبير وغير المسبوق في أسعار السلع والبضائع والمستوردات، أي أن هناك صعوبات جمة كبيرة في قدرة الفرد العربي على تأمين معيشته اليومية المرتبطة بحاجاته ومستلزماته اليومية من ماء وغذاء وكساء، أي إنفاقه على السلع الضرورية.
هذا بخلاف الحالة المأساوية للبحث العلمي العربي، حيث تنفق الدول العربية مجتمعة أقل بكثير مما تنفقه إسرائيل لوحدها على البحوث العلمية، التي باتت مرتبطة في عالم اليوم بعجلة الإنتاج الاقتصادي لأية دولة متقدمة ومتطورة، وتعطي انطباعًا ما عن وضعها وحالة التعافي الاقتصادي من عدمه.
ويري الشرفاء ان حل الأزمات العربية المزمنة يحتاج رؤية مبتكرة وإستراتيجية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع في الوطن العربي رؤية تعالج كافة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ، رؤية استشرافية تناسب تحديات القرن الحادي والعشرين من خلال عدد من المحاور يجب العمل عليها، حتى نحقق الاستقرار والتنمية في الوطن العربي ويصبح وطننا قويا مؤثرا دون (نزاعات وخلافات وحروب)، ويغادرنا الفقر والجهل، وتحل التنمية والرخاء والسلام بيننا .
وتتفق الرسالة مع رؤية الشرفاء بصورة أكثر تفصيلية، توضخ الرسالة انه على صعيد ضعف الاستثمارات العربية والدولية القادمة للبلدان العربية مثلًا، أن البيانات والمعطيات الحقيقية تشير إلى أن حجم الاستثمارات العربية خلال عام 2012م لا يتعدى الـ23 مليار دولار، في حين أنها كانت خلال العام 2010 في حدود 68 مليار دولار، وانخفضت خلال العام 2011 إلى 43 مليار دولار، أي: بنقصان قارب الـ37%.
وهذا الانخفاض في حجم الاستثمارات له أسبابه الداخلية، وهو يؤشر بالضرورة إلى فقدان ثقة الشركات العربية الضخمة بأجواء ومناخات بلدانها السياسية، وبحكامها ومؤسساتها الرسمية العاملة، بما يدفعها دفعًا للاستثمار في الخارج، كما حدث مع شركات نجيب ساويرس (الملياردير المصري القبطي المعروف)، الذي يبدو أنه سينهي وجوده القانوني في مصر منتقلًا للعمل في الخارج بعد موجة التشكيك به، وبوطنيته من قبل الجماعات المحسوبة على التيارات الإسلامية التي لم تبدع في شيء أكثر من إبداعها في سياسة ترهيب المستثمرين، وتخويف الناس، وتطفيش الرساميل، والخبرات الوطنية، نظرًا لغبائها السياسي، وسوء تدبيرها الاقتصادي، ونزعتها الانغلاقية الماضوية، وعيشها الأبدي في ظل أفكارها التمجيدية القديمة، مع أن الواقع أهم من الأيديولوجيا، ومصالح الناس والمجتمع في العيش المادي الآمن والرغيد أهم وأبقى من كل القناعات المزيفة المؤدلجة الموعودة، وأهم من رموز السياسة كلهم
فهناك دولا عربية تمتاز بتحقيق فوائض من النقد الأجنبي لأن استثمار هذه الفوائض يكون لدى الدول المتقدمة، في حين أن المنطقة العربية أحوج ما تكون إلى هذه الفوائض بغرض زيادة الإنتاجية والنهوض بالقطاعات الاقتصادية في بعض الدول التي يقف التمويل حجر عثرة في نموها وتطورها، كما أنه لابد من تطوير التجارة البينية بين الدول العربية وخفض الرسوم الجمركية بغرض تنشيط حركة التجارة فيما بينها.
ولتفعيل التكامل العربي الإقليمي، لمواجهة آثار العولمة لابد من أن تقوم السوق العربية المشتركة بالدور المنوط بها كما هي الحال في السوق الأوروبية المشتركة، وبالتالي فلابد من إنشاء بنك متطور للمعلومات الاستثمارية لربط رجال الأعمال العرب من المحيط إلى الخليج، والاتصال والتنسيق المستمر بين الكيانات الاستثمارية العربية للوقوف أمام التكتلات الاقتصادية وإطلاق الحرية لرؤوس الأموال وإنشاء غرفة الاستثمار المشترك وإقامة المؤتمرات السنوية الاستثمارية. كما ان الصناعة العربية الضخمة تعمل علي التعجيل بقيام السوق العربية المشتركة، وتهيئة المناخ المناسب للاستثمار، وتشجيع وتنمية الصادرات العربية والتجارة البينية للارتقاء بالمشروعات الاستثمارية في ظل المنافسة العلمية، ومساندة اتجاه توحيد غرف التجارة العربية وتوطيد التعاون الإقليمي بينها، إضافة إلى دراسة المشروعات المستقبلية في ظل التكامل بدلا من التنافس السلبي.
وتوحيد القوانين الاستثمارية لتذليل العقبات التجارية.
كما يجب الإسراع في انشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وأن تتلوها خطوات مكملة أخرى, وبالحد من آثار الانفتاح السريع على السوق العالمية والتدرج في تطبيق سياسات التحرير الاقتصادي, وضبط وإدارة عملية النمو وتنمية المؤسسات والأسواق المالية وتشجيع الاستثمار المحلي الخاص وجذب الاستثمار الأجنبي, واعتماد آلية السوق وتنشيط دور القطاع الخاص يجب أن يكمل بدور الدولة ليكون أكثر فاعلية وكفاءة, واتباع سياسة اجتماعية تخفف الآثار السلبية التي ترافق التصحيح الاقتصادي وتسهيل انتقال عنصر العمل بين الدول العربية, وبناء المؤسسات وتطويرها وبناء قطاع الإنشاء وتعزيز قدراته ومهاراته وتنمية القدرات التنافسية للاقتصادات العربية, وزيادة وتقوية نمو التجارة العربية البيئية.