معلم مصري: ما قدمه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي من نقد بناء للأفكار المضللة التي تشوه رسالة الإسلام النبيلة خطوة مهمة نحو تصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها
قال استاذ التربية الدينية المصري محمد عبد الرؤوف فى بداية حواره “أود أن أبدأ بالتعبير عن تأييدى لما طرحه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله حول تأثير فقهاء السوء على فهم الأركان والغايات العليا للإسلام، لافتا أن ما قدمه الشرفاء من نقد بناء لتلك الأفكار المضللة التي حاولت تشويه رسالة الإسلام النبيلة يعد بمثابة خطوة مهمة نحو تصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها.
أضاف أن الإسلام جاء كرسالة رحمة وهدى للناس كافة، لكن مع الأسف، تعرضت هذه الرسالة للتشويه من قبل بعض الفقهاء الذين ضيقوا من معانيها وركزوا على الجزئيات دون الكليات.
وقال عبد الرؤوف أن ظاهرة الإرهاب تعتبر من أخطر الظواهر التي تواجه العالم اليوم، فهي ليست فقط تهديدًا للأمن والسلام، بل أصبحت تكلف الدول مليارات الدولارات لمحاولة حماية شعوبها من تلك العمليات الإرهابية، مشيرا إلى ما أشار له نعوم تشومسكي في كتابه “الإرهاب الدولي الأسطورة والواقع” إلى أن تعريف الإرهاب يعتمد بشكل كبير على من يمارس العنف، حيث يُعتبر أي عمل تنفذه جماعة صغيرة ضد الدولة إرهابًا، بينما لا يُعتبر ما تمارسه الدولة من عنف ضد جماعات معينة إرهابًا.
وأشار المعلم المصري الى أن هذا التمييز يظهر كيف يمكن التحكم في تعريف الإرهاب وفقًا للشرعية المتاحة، فعند الحديث عن الفكر الديني نجد أنه يتضمن كل ما أنتجه علماء الدين وفلاسفة الديانات العالمية من اجتهادات دينية وعلمية وفلسفية، حيث يسعى إلى تقديم أجوبة عن أسئلة تتعلق بالكون والخلق وكل ما يخص حياة الإنسان من جوانب علمية وعملية.
وأوضح أن الفكر الديني في جوهره هو المنهج الذي يُفترض أن يتبعه المؤمنون، ولكن المشكلة تكمن في أن هذا الفكر قد تم تحريفه وتوظيفه لخدمة أجندات بعيدة كل البعد عن الأهداف السامية التي جاء الدين لتحقيقها.
ويطرح عبد الرؤوف سؤالا واضحا وهو : هل هناك علاقة بين الفكر الديني والإرهاب؟ أم أن الأمر مجرد استغلال للمصطلحات الدينية لخدمة الإرهاب العالمي؟ ويجيب قائلا “عندما نعود إلى التاريخ، نجد أن العديد من الحروب والصراعات التي شهدها العالم، سواء في الغزوات الإسلامية أو الحروب الصليبية، قد استمدت شرعيتها من الفكر الديني، فالحروب الصليبية، على سبيل المثال، قادتها الكنيسة تحت مسمى السيطرة على الأراضي المقدسة، واستمرت تلك الحروب لمائتي عام، وكان المحاربون يُطلق عليهم “جنود المسيح” في محاولة لدعمهم معنويًا وتحفيزهم على القتال.
وأضاف أستاذ التربية الدينية “للأسف، الفكر الديني يمكن أن يكون له علاقة وطيدة بالإرهاب، لأنه قد يُستخدم لتبرير العنف وإضفاء الشرعية عليه، وهذا ما حدث في العديد من الحروب الدينية، حيث تم استغلال النصوص الدينية وتأويلها بشكل يخدم الأجندات السياسية والعسكرية. وبالنظر إلى الدولة الإسرائيلية، نجد أنها تعتمد على فكرها الديني الذي يستمد توجهاته من الدين اليهودي، حيث يحرض على العنف والقتل.
وعندما نتحدث عن الإسلام، نجد أن الكثير من الغربيين يربطون بين الفكر الإسلامي والإرهاب، بسبب العديد من العوامل مثل الإعلام الغربي الذي يسعى إلى تشويه صورة الإسلام، وبعض الفقهاء الذين ينفخون في نار الإرهاب من خلال تأويلات مغلوطة للقرآن والسُنة.
وأشار عبد الرؤف الى أن هؤلاء الفقهاء يقدمون فتاوى تحرض على العنف والقتل، وتشجع الشباب على الانخراط في بؤر التوتر والنزاعات المسلحة، مؤكدا أن الصراع الشيعي السُني، الذي يبدو للوهلة الأولى كصراع ديني، هو في حقيقته صراع سياسي تم تغليفه بالدين، هذا الصراع أدى إلى مجازر ومآسي، وأعاد إلى الأذهان الحروب الدينية المسيحية التي شهدتها أوروبا، ولكن بدماء إسلامية.
وفي ذات السياق أوضح عبد الرؤوف أن هذا يؤكد أن الإرهاب لا يعتمد فقط على الأفعال المادية، بل يستند بشكل كبير إلى الأفكار التي تبرر العنف وتضفي عليه الشرعية، لذا وبحسب عبد الرؤوف ، يجب أن نفهم أن الحرب ضد الإرهاب هي في جوهرها حرب ضد الأفكار المغلوطة التي تُستخدم لتبرير العنف.
كما أوضح المعلم المصري انه لا يمكن محاربة الإرهاب بشكل فعّال إلا إذا قمنا بتفكيك تلك الأفكار الخاطئة والمضللة على حد قوله، التي تُستغل في تشويه رسالة الإسلام الحقيقية. ويرى عبد الرؤوف أن الإسلام جاء لتحقيق العدالة والرحمة والكرامة للإنسان، وليس لتبرير العنف والقتل.
وفي هذا السياق، قال عبد الرؤوف “أوافق تمامًا مع ما طرحه المفكر علي الشرفاء في مقاله حول ضرورة العودة إلى القيم الأساسية للإسلام، تلك القيم التي تدعو إلى الرحمة والعدل والإحسان. فبحسب عبد الرؤوف، الإسلام هو مجموعة من الأخلاق والمبادئ الرفيعة التي وردت في القرآن الكريم، وهو يسعى لتحقيق السعادة والرفعة للإنسان، بعيدًا عن العنف والتطرف.
ومن هنا، يرى المُعلم المصري أن علينا جميعًا أن نعمل جاهدين لنشر الفهم الصحيح للإسلام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي أدت إلى هذه الفوضى الفكرية والدينية، حيث أوضح انه يجب أن نعيد التركيز على جوهر الدين وأهدافه السامية، ونعمل على تفكيك الأفكار المغلوطة التي تُستخدم لتبرير الإرهاب.
كما اكد المُعلم المصري أن الإسلام هو دين السلام والعدل، ومن الضروري أن نُظهر هذا الوجه الحقيقي للعالم، ختامًا، فإن ما طرحه المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي هو دعوة صادقة إلى العودة إلى الفهم الصحيح للإسلام، وهي دعوة يجب أن نتبناها جميعًا لتحقيق السلام والوحدة والعدالة في العالم الإسلامي.