نستعرض اليوم كتاب مفهوم المرأة بين نص التنزيل وتأويل المفسرين بقلم جنان التميمي وهي حاصلة على درجة الدكتورة في الفلسفة في اللغة العربية وآدابها من جامعة الملك سعود بالرياض والتي تقول فيه “أن قضية إنصاف المرأة هي قضية مخترعة، ولا يعاني المجتمع المسلم من أي مشكلة في هذا الخصوص؛ بل إنَّ ما يجري هو إعادة إنتاج لقضية المرأة الغربية وإسقاطها على المجتمع المسلم، وخلق لواقع وهمي غير موجود!
وتتسأل الكاتبة جنان التميمي “هل قيمة المرأة الإنسانية في النص القرآني هي ذاتها في تأويلات المفسرين؟
وتستعرض التميمي في كتابها بصورة مجملة، واقع المرأة على مر التاريخ عند العرب وغيرهم قبل الإسلام وبعده، تم تعرض مفهوم المرأة في مواضع متعددة في القرآن عن طريق نقل كلام المفسرين وتحليله وإقصاء التأويلات الخاطئة التي لا يوجد لها أي سند نصي من القرآن ، إذ إنَّ مفهوم المرأة مع خلفية اجتماعية عربية تميل إلى تقاليد جاهلية أو أساطير إسرائيلية، يختلف عن مفهوم المرأة الوارد في النص القرآني حسب وصف الكاتبة والتي تتفق فيه مع المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي الذي تحتل قضية المرأة أهمية خاصة في كتاباته ولا يكاد يخلو كتاب من كتاباته من التعرض لقضايا المرأة العربية، ويبدو أن الدافع الذي حدا بمفكرنا إلى الاهتمام بأزمة المرأة هو ما تعانيه المرأة المسلمة من ظلم ومن قسوة ومن تحقير نتيجة للمعالجة الدينية الخاطئة لوضعية المرأة في المجتمع العربي– الإسلامي.
حيث اختص المفكر العربي الشرفاء المرأة بكتاباً كاملاً عن قضية من أهم القضايا التي تهدد أمن الأسرة المصرية، وهي قضية الطلاق، فكتب كتاباً بهذا العنوان: (الطلاق يُهدد أمن المجتمع)، والكتاب في حقيقة الأمر لا يتناول فقط مشكلة الطلاق، ولكنه دفاع عن حق المرأة في الحياة والوجود، وانتصار لكرامة وشرف الأنثى، وتأكيد مساواتها بالرجل. وينطلق الشرفاء في رؤيته المستنيرة حول حقوق المرأة من التشريع في القرآن الكريم. ففي العديد من الآيات نجد تأكيداً على وحدة الخلق والمساواة التامة بين الذكر والأنثى، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء: 1).
وهو نفس المنطلق التي تناقشه الكاتبة في كتابها مفهوم المرأة بين نص التنزيل وتأويل المفسرين والتي خلصت فيه الي أن القرآن قد أعطى المرأة المسلمة حقوقها المسلوبة، بينما رسم المفسرون – عفا الله عنهم صورة مشوهة للمرأة، تحمل من صفات متناقضة لا يحملها أي بشر سوي، ولم يتورع أحدهم من ذكر ذلك في أنها يصح أن تدخل مجازا فيما لا يعقل ، فهي لديهم مخلوق شرير مدير للمكائد ،دائما.
كما ان الكاتبة تقول ان المفسرون وصفوها بمخلوق أدنى والرجل مخلوق أعلى وكل ذلك لم يذكره الله في آية واحده بل هو تأويل وصلوا إليه من ثقافة سادت في مجتمعهم الذي تحكمه القوة، ولا غرابة في ذلك، إذ كل المفسرين المذكورين سابقا رجال وهم أقوى جسديا من النساء، وهي طبيعة البشر التي يستبد فيها القوي على الضعيف فيصنع القوانين والشرائع التي خدمه كقوي مستبد وذلك يتم بحسب ظن الكاتبة بشكل لا إرادي
وبحسب الكاتبة فان المفسرون الذكور جعلوا المرأة جسدا للإنتاج والتربية ويجب أن يكون تعليمها بقدر الحاجة للطبخ وتدير شؤون البيت فقط، وذلك لأن النظرة التي تجعل المرأة متاعا للرجل نظرة ترضي غروره وكبرياءه وتشعره بالعلو، ولذلك يشعرون بالهلع من مجرد ذكر المساواة حتى ولو كانت مدعمة بالقرآن، فتجدهم يهرعون للمواجهة وكأنهم في حرب ضروس حتى أنهم قد ينسى نفسه ويتعرض بالإساءة للنساء المؤمنات التقيات اللاتي اصطفاهن الله ويرى نفسه أفضل منها لمجرد أنه ذكر وهي امرأة تتجسد فيها الفتنة فقط.
كما توضح الكتابة جنان التميمي ان الثقافة التي تقلل من شأن المرأة ليست في مجتمع المسلمين فقط؛ بل هي ثقافة سادت في أنحاء العالم ولا عجب في ذلك فهي من تسلط القوي على الضعيف والتحكم فيه، ووجدنا ذلك في المجتمع اليونان القديم والمجتمع العربي الجاهلي، وكذلك المجتمع الإسلامي حينما ابتعد عن تعاليم القرآن ووالي المجتمع الأوربي قبل النهضة وقد وحدث عند الأوربيين من الأفكار ما تطابق مع أفكار المفسرين من بنوا البشر
وتختم كتابها بان الأهم الذي يجب ان نتبعه ونحتكم إليه هو كلام الله في كتابه الكريم
وتستند الكاتبه الي قول الشيخ محمد الغزالي الذي عزي تدهور وضع المسلمين في العلم والتربية والإنتاج إلى تقاليد متشددة، وفقه مغلق، ورؤية ظالمة في معاملة المرأة فححبت مواهب المرأة الضخمة من الإبداع لقرون عديدة في كثير من المجتمعات المسلمة.
وتري الكاتبة أن سبب الفكر السائد في انتقاص المرأة المسلمة هو معشر المفسرين عفا الله عنهم – لأن كثيرين يأخذون معنى القرآن من المفسرين دون أن يتدبروا آيات القرآن أو ينظروا إلى كلام المفسرين بنظرة ناقدة تميز بين الصواب والخطأ، حتى صار الإسلام هو أراء المفسرين وكلامهم لا كلام الله تعالى، ومن هنا نشأت هذه الثقافة، فكلما ابتعدنا عن القرآن وتعاليمه واتبعنا كلام البشر كلما زاد تدهور المجتمع وتخلفه.