اشارت دراسة للباحث الباحث الاردني واستاذ القانون عوض الزغبي الى أن الصراع العربي الإسرائيلي يعد من اقدم صراعات منطقة الشرق الأوسط في العصر الحديث .ولأنه حمل بين طياته أخطاء كثيرة، منها ما تعلق بظلم الاستعمار الغربي لأبناء المنطقة العربية في مجالات كثيرة ، ومنها ظلم العرب لأنفسهم برفضهم الجلوس مع المستعمر والمحتل لمناقشته وجهاً لوجه في تحديد مصير الشعب الفلسطيني عبر تاريخ الصراع وحتى زمن قريب من العقدين المنصرمين ، ومنها تعارض المصالح تارة وتشابكها وامتزاجها بخيانة بعض القيادات العربية لأمتهم وللفلسطينيين في نفس الوقت تارة آخري ، وتركت السحاة للمستعمر وللمحتل يحدد مصيره ومصير الفلسطينيين بنفسه بعيدا عن وجودهم أو وضع الحد الأدنى على الأقل لوجودهم على الكرة الأرضية في اعتباره ، ومنها خلط المسميات وتداخلها وصهرها كلها في تسمية واحدة وهى –الصراع العربي الإسرائيلي ،وهو في حقيقته وللإنصاف كان من المفترض أن يسمى –الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ،ثم المصري الإسرائيلي ،ثم السوري الإسرائيلي ثم الأردني الإسرائيلي .ثم اللبناني الإسرائيلي. لكي يكون متناسبا في الوضعين الجغرافي والديموجرافى مع المحتل العبري. وينصب موضوع الدراسة على جزئية محددة وهي ما هو موقف مصر (من وجهة النظر القرآنية) في حالة نشوب حرب نظامية بين إسرائيل وسوريا أو إسرائيل وفلسطين في السنوات القادمة
وتقول الدراسة إن فلسطين وسوريا يعقدان محادثات سلام بينهما وبين إسرائيل من حين الي اخر وتؤكد الدراسة ان هناك من الحكام وزعماء الطوائف العرب من يعمل على عكس هذا لخدمة مصالحه الشخصية وليتمتع بجلسته على قمة حكم الدزلة أو الطائفة أكبر قدر ممكن مع ما يصاحبها من مزايا اقتصاديه واجتماعيه …الخ.
وهنا تتفق الدراسة مع ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء في أن كثير من إشكاليات الوطن العربي تتعلق بالمصالح الشخصية لبعض الحكام حين قال “هل تدرك الدول العربية ماذا تستفيد من تحقيق الاتحاد سياسيا وهل لديها النية الصادقة فى خلق كيان عربي قوي يحمى استقلالها ويضاعف استثماراتها فى أقطاره لتكون قوة اقتصادية عالمية يحسب لها العالم ألف حساب، تمتلك جيشا موحدا قويا قادرا على حماية مصالح الامة العربية، لتخلق حلفا أمنيا وعسكريا كحلف الناتو، مالذي يعيق الدول العربية وهي لديها من عناصر اللغة والتاريخ المشترك والمصير الواحد والتكامل الجغرافي والمناخي، مما يؤهلها لتكون قوة عسكرية وقوة اقتصادية تحمي ثرواتها وترتقي بمستوى الحياة الكريمة لشعوبها، ولاتكون كما يحدث اليوم كل الذئاب والثعالب توجه سياسة بعض الدول العربية وتتدخل فى أمورها فى الصغيرة والكبيرة، تنشر فيها الفتن وتنشأ فيها الحروب الأهلية ليتحقق للصوص الفرصة فى نهب ثرواتها، وأبنائها ينفرجون على المشهد المأساوي دون مبالاة، تسقط سوريا وتنهار العراق ويتمزق اليمن ويتشرد شعبها، وتعبث المليشيات والمرتزقة فى ليبيا والجامعة العربية تتفرج منتظرة أن يتدخل مندوب من أمريكا او الدول الغربية ليصلح بين الاخوة العرب، أليست تلك مسؤولية عربية؟ وتأتي فى مقدمتها الجامعة العربية، أين القيادات العربية؟ أين الالتزام العربي بالأمن القومي للدول العربية؟ أين الشهامة والكرامة للذود عن حق العرب؟ أين الشعارات التى سقطت تحت أنقاض الدمار وتناثرت تذروها رياح الغضب وتعصف بالعروبة؟
ويدعوا المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي القيادات العربية إلى التفكير بعمق وموضوعية ورؤية جديدة تميز بين الشعار والعمل .. رؤية تدرك بأن الزمن أغلى شيء في عمر الأمم ولابد من استغلال الوقت كي لا تفوت الفرصة ويقع المحظور، فدول العالم في سباق محموم وتنافس رهيب وصراع اقتصادي بدأ يأخذ أشكال تكتلات اقتصادية دولية وتكتلات شركات عالمية لتكون لها القدرة على المنافسة وعلى البقاء في تأمين الحد الأدنى لشعوبها من عناصر الحياة والمدنية، فأين الأمة العربية من ذلك ، ولديها كنوز وخيرات وثروات لم تستثمر وتوظف في خدمة أبناء الأمة العربية. ولذا فإن القيادات العربية يجب أن تدرك أن الأخطار تحيط بها من كل جانب وأن وقوع إحدى الدول العربية تحت سيطرة العدوان لا يعني بأن بقية الدول العربية ستكون في مأمن، وأن سياسة العولمة ستجر على شعوب الأمة العربية مآسي وكوارث إذا لم يتحدد مفهوم جديد وروابط عميقة لأهمية العلاقات العربية والتزام واضح بين الدول العربية لبناء قاعدة جديدة تؤسس عليها مفاهيم جديدة أساسها العلاقات الاقتصادية لربط مصالح الشعوب العربية لتصل عندئذ إلى الشعور بمسئولية الأمن المشترك من أجل البقاء، عندها ستدرك القيادات العربية أهمية إيجاد منظومة أمنية تحمي مصالحها مما يهددها من قوانين وإجراءات قد تصل بعض الأحيان إلى فرض وصاية على أهم ثرواتها وهو البترول حيث تستطيع القوة المتحكمة اقتصاديا في العالم أن تفرض أوامرها على الدول المنتجة للبترول سعرا محددا أو تفرض مقاطعة على الدول التي لا تنصاع لقرارات أمريكا، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على خطط التنمية وما يعقبها من مشاكل اجتماعية تؤثر على الجبهة الداخلية للدول العربية، لتكن وقفة يتم فيها تحكيم العقل والرؤية والحكمة لإعادة النظر في مسيرة التضامن العربي الذي أصبح مجرد شعار خال من أية أسس واليات تدعم التمنيات وتحول قرارات مؤتمرات القمة إلى إجراءات عملية يكون لها نتائج مؤثرة على سير الأحداث.
ثم تنتقل الدراسة لتوضح ان المزايا الذي يحصل عليها الحكام او من يعاونهم يقابلها أيضا من يعمل من داخل إسرائيل على تعطيل محادثات السلام وإفشالها لتظل إسرائيل تتمتع بتعاطف المجتمع الدولي من خلال آلتها الإعلامية الرهيبة المسيطرة على الوسط الإعلامي الغربي صاحب القول الفصل الحقيقي في مباحثات السلام.
وتوضح الدراسة ان هناك ايضا من قادة الغرب من يظهر نفسه أنه مع السلام وهو في حقيقته ضده شكلا ومضموناً لخدمة اقتصاديات بلده القائمة على صناعة السلاح في جزء كبير منها.
ولذلك تؤكد الدراسة ان خيار الحرب يجب ان يظل موجودا وقائما بدرجة كبيرة ومتنامية وإلى الأبد.لبيع السلاح وتحقيق مكاسب كثيرة وكبيرة طول الوقت.
ومن هنا تطرح الدراسة هذا السؤال الملح والضروري عن دور مصر (إذا قامت حرب نظامية بين سوريا وفلسطين أو إحداهما مع إسرائيل) ، وخاصة في حالة وصول رئيس احمق – بحسب وصف الدراسة- وأرعن ليست لديه الخبرة العقلية الكافية في فن إدارة الأزمات وتغلبت عليه لغة العواطف مثل الزعيم الأسبق عبد الناصر
.وطرحت الدراسة في هذا الصدد عدد من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الوفاء بالعهد والميثاق ، والتي اكدت الدراسة فيها أن مصر بينها وبين إسرائيل عهد وميثاق على نبذ الحرب والعيش في سلام دائم بينهما ما لم تنقضه إحداهما من جانبها ولا زال سارياً حتى تاريخه . فيقول ربنا جل جلاله في كتابه الحكيم
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء: 34]
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران: 76]
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون: 8]
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون [المعارج: 32]
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران: 76]
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة : 177]
إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة: 4]
وتقول الدراسة ان من كل ما سبق من آيات كريمات نتخذ العبرة والعظة منه في أوامر الله جل حلاله للمؤمنين به – في الوفاء بعهدهم إذا عاهدوا، ورعايتهم الدائمة لتلك الأمانات والوعود والعهود، سواء كانت عهود دائمة أو مشروطة أو محدودة بفترة زمنية معلومة للطرفين.
وتوضح الدراسة اننا نحن العرب نتعامل مع بنى إسرائيل قتلة الأنبياء واصحاب تاريخ الخيانات المتكررة على مر العصور ولن يكن لهم عهد أو ميثاق ولن يحفظوا عهدا تعهدوا به مع مصر. أقول له نعم قد يكون كلامك صحيح في مجمله، ولكنهم حتى الآن لم ينقضوا عهدهم مع مصر، وأن المعاهدة المبرمة كانت حول حفظ السلام والحقوق بين البلدين فقط وليس بين كل دول المنطقة …
وهناك آية قرآنية كريمة أعتبرها من الآيات المحكمات في قوانين الحرب والسلام بين المجتمعات المسلمة وغيرها. وهي قول الله تعالى .
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {الأنفال : 72}
وتقول الدراسة انظروا إلى قول الله تعالى [وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ]
. وبحسب الدراسة فان فهم الاية كليا أو جزئيا لهذا المقطع الحكيم منها. فلو قامت حرب بين فلسطين وإسرائيل أو بين سوريا وإسرائيل فليس من حق مصر التدخل عسكريا ضد إسرائيل أبداً، إلا في حالة واحدة وهي أن تكون ضمن قوات دولية متعددة الجنسيات تفصل بين الدولتين المتحاربتين ولإرجاع الدولة الظالمة المتعدية عن بغيها وعدوانها مثلما حدث في تجمع القوات الدولية للفصل بين العراق والكويت وردع الدولة المعتدية على الأخرى في ذاك الوقت والزمان .
واختتم الدراسة بالقول انه يجب إرساء مبدأ وقاعدة قانونية للتعامل بين الدول على أساس قرآني .