يناقش المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي دور اليهود في محاولات تشويه وتفتيت الدعوة الإسلامية، مشيرًا إلى أنهم عملوا على خلق روايات وأحاديث مفبركة للصحابة لزرع البلبلة والتناقض بين المسلمين، مما أدى إلى صراعات فكرية ومادية داخل الأمة الإسلامية. يعزو الكاتب هذا السلوك إلى الغيرة والحسد التي شعروا بها بعد اختيار الله لنبي من غير بني إسرائيل، مما استثار فيهم رغبة انتقامية للحفاظ على مكانتهم وسطوتهم بين الشعوب.
يستعرض الكاتب كذلك الخوف الذي استولى على اليهود من تأثير القرآن الكريم وتعاليمه الأخلاقية العالية التي تدعو إلى العدل، الرحمة والتعاون، مما يهدد مكانتهم وأطماعهم. يقول الحمادي إنهم خافوا من أن يكشف القرآن جرائمهم ويحذر الناس من مخططاتهم المستقبلية للسيطرة على الاقتصاد العالمي واستغلال الشعوب. يُظهر الكاتب كيف أن القرآن فضح هذه المخططات، مما دفع اليهود لمحاولة إبعاد المسلمين عن تعاليمه الصحيحة.
يتميز النص بعمق تحليله وجرأة طرحه، حيث يقدم الحمادي نظرة نقدية للتاريخ الإسلامي مع التركيز على التأثيرات الخارجية التي شكلت مسار الأحداث. يُثري المقال النقاش حول الديناميكيات الاجتماعية والسياسية في العالم الإسلامي، مقدمًا فهمًا جديدًا ومثيرًا للتفكير للقراء المعاصرين.
اليهود والرد على بعثة النبي من غير بني إسرائيل.. حسد وانتقام
لا أستبعد على الإطلاق أن يكون وراء تشتيت الدعوة الإسلامية وخلق بلبلة فكرية للمسلمين أياد خفية قامت باستحداث رواياتٍ مختلفة ومختلقة على لسان الصحابة، خَلقت حالة من التناقضات والتجاذبات والاستقطاب الفكري وأصبح لدى كل طائفة مرجعها الخاص ، مما أدى الى صراع فكري وجدلّي ثم تحول إلى صراع مادي ، نتج عنه اقتتال المسلمين بعضهم البعض.
كانت تلك الأيادي الشريرة تعد خطتها الخبيثة سواء كانوا من اليهود الذين لم يتخيلوا أن يختار الله رسولاً من غير قومهم، بما يعتقدونه بأن اختيار الأنبياء والرسل محصور في بني اسرائيل، لأنهم شعب الله المختار- كما يؤمنون ويدعون- أثارت في نفوسهم حسداً وغيرة بأن يبعث رسول من الذين يسمونهم بالأميين الذين ليسوا أهل كتاب كالمسيحيين واليهود ، حيث كانوا لا يقيمون لهم وزناً واحتراماً ، ويتعاملون معهم معاملة دونية ، خلقت لديهم حســــرة وانتقاماً أن لم يظهر نبي منهم.
الجرائم الإسرائيلية تحت مجهر القرآن الكريم
وبعد ما اطلع علماؤهم على آيات القرآن الكريم التي تحدثت عن اليهود، استشعروا خطورة القرآن الكريم على مستقبلهم ، مما سيؤدي إلى سقوط مكانتهم بين الشعوب وانحسار سطوتهم ، والخطورة التي سيمثلها المسلمون إذا اتبعوا ما جاءت به الآيات من تشريعات للعلاقات الإنسانية في العبادات والمعاملات والحث على القيم النبيلة من رحمة وعدل وسلام وتعاون ومساواة وتحريم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل ، مما سيعطل ما يسعون إليه من أطماع وأنانية في الاستيلاء على ثروات العالم والسيطرة على مقدرات الشعوب.
لذلك شرعوا يبحثون عن مختلف الوسائل لصرف المسلمين عن القرآن الكريم ، الذي هو أساس رسالة محمد ﷺ كما دللت آيات القرآن الكريم على سوء النوايا عند بني إسرائيل ، وشخصت النفس الإسرائيلية وفضحت مطامعهم اللامحدودة وارتكابهم لأبشع الجرائم لتحقيق مآربهم بما في ذلك قتلهم أنبياءهم واستيلاءهم دون مبرر على حقوق الناس وخشيتهم في حالة انتشار القرآن في العالم وقبول الناس الدخول في دين الله ، حينها سيكتشف المسلمون ما يشكله خطر الإسرائيليين على مصالحهم وسيطرتهم على اقتصاديات أوطانهم واحتكارهم النشاط المالي ليسخروا الناس لخدمة مصالحهم، مما قد يترتب على معرفة حقيقتهم وأهدافهم السيئة أن تنبذهم المجتمعات الإنسانية ويتم عزلهم وحرمانهم مما يتطلعون إليه في قيادة العالم حيث يعتبرونها حقوقاً مكتسبة بزعمهم بالوعد الإلهي المفترى على الله أنهم شعب الله المختار ويعتبرون القرآن الكريم يحمل في آياته إدانة كاملة لجرائمهم في الماضي. كما أن الله تعالى يحذر الناس في المستقبل من تطلعات الإسرائيليين لاستيلاب حقوقهم والتحكم في مقدرات الأوطان بالخديعة والنفاق والغدر.
كيف حاول اليهود التأثير على الرسالة الإسلامية وصد القرآن
ولذلك بادر علماء اليهود في البحث عن مختلف الوسائل لإسكات صوت القرآن وإخفاء آياته ، ووضعوا استراتيجيات متعددة لمواجهة وثيقة الإدانة التي تضمنتها آيات القرآن الكريم فبدأوا بمحاربة الرسول أثناء البعثة بتحريض قبائل قريش على اغتيال الرسول ﷺ واستمروا بعد الهجرة للمدينة باستدراج المسلمين في معارك عديدة مع قبيلة بني قينقاع وقبيلة بني النضير ويهود خيبر.
وبعد فشلهم جمعوا بعض القبائل العربية في موقعة الأحزاب وهزموا شـــــر هزيمة. ولما باءت معاركهم بالفشل اتجهوا إلى الحرب النفسية بدس الروايات ونشر الإشاعات المسيئة للرسول والتي تخلق تناقضا مع دعوة القرآن والحث على الأخلاق والفضيلة والعدل والسلام.
ونسبوا الروايات إلى صحابة الرسول وأطلقوا مصطلح (حديث نبوي) لاستجداء المصداقية وإقناع الناس بأنها أقوال رسول الله لتحتل مكانة من القدسية تنافس القرآن وتخلق حالة من الالتباس عند المسلمين ليلهونهم عن القرآن الكريم وينشف في تلك الخدعة بـ (حديث صحيح وضعيف ومرسل ومقبول ومتواتر وحسن ومرود وقدسي ومقطوع ومرفوع) ، وقس على ذلك ، حيث ظل المسلمون يدورون في حلقةـ مفرغة طيلة أربعة عشر قرنا ، ونسوا القرآن الذي هو أساس الرسالة الإسلامية.
فقد نجح اليهود في ملء العقول بالإسرائيليات التي غيبت الفكر واستحكمت الأفهام إلى درجة أن استطاعت الروايات أن تطغى على الآيات ، وسخَّر اليهود الأمم لطباعة كتب الحديث بالملايين ينشرونها حول العالم كي لا يبرز ضوء القرآن ويكتشف الناس حقيقتهم ، تأكيدا لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله متم نوره ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَفِرُونَ) ( الصف: ۸).