نستعرض معكم دراسة بعنوان “اليهود في التوراة والتلمود وضياع فلسطين” للدكتور شفيق الخليل والذي يتحدث فيها عن دور التلمود والتوراة في ضياع فلسطين وهو ما يتوافق فيه مع ما ماقاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابة ومضات علي الطريق حين قال ” وقـد وظفـت الـدول الاسـتعمارية فــي هـذا القـرن أبنـاء الوطـن العربـي، وبعـض أبنـاء الـدول الإسـلامية فــي القيـام بحـروب داخـل الـدول العربيـة، بالوكالــة عــن الــدول التــي خططــت لانتشــار الإرهــاب مــن أجــل إســقاط الأنظمـة العربيـة، حـين اسـتثمروا الروايات والإسـرائيليات التـي أُطلق عليها زورًا ً وظلمـا أحاديـث ُنسـبت للرسـول عليـه الصـلاة والسـلام مـن أجـل أن تكـون لهـا المصداقيـة، وظفتهـا أجهـزة المخابـرات الغربيـة لخدمـة أهدافهـا الملعونـة لتتحـول إلـى عقيـدة تمكنـت مـن عقـول الشـباب لينشـروا الفـزع بـين المواطنـين فـى الـدول العربيـة حتـى أوصلتهـم إلـى تفجيـر أنفسـهم فــي الأبريـاء وسـفك الدمـاء وتكفــير المجتمـع، ليتولـوا القيـام بعقـاب الكفرة فــي المجتمعـات الإسـلامية التـي يعيشـون فــيها، حسـب فلسـفتهم بالقتـل وسـفك الدمـاء بـلا رحمـة ولا رأفـة بالعجـوز الكبير أو الطفل الصغير، وتسـببوا فــي تشـريد مئـات الآلاف مـن أبنـاء سـوريا والعـراق وليبيـا واليمـن والصومـال وجعلهــم يهيمــون علــى وجوههــم فـــي كل مــكان حــين صــدق الارهابيــون أحاديــث الروايــات التــي أبطلتهــا الآيــات فـــي القــران الكــريم وآمنــوا بهــا عقيـدة راسـخة فــي عقولهـم بأنهـم بأفعالهم الاجرامية ستسـتقبلهم الملائكة بالترحـاب فــي جنـات النعيـم يزفونهـم للحـور العين وأن تلـك الجائزة الإلهية العظيمــة تســتاهل المــوت فـــي ســبيلها، ولــم يدركــوا بأنهــم يــوم الحســاب سيكتشـفون الحقيقـة الصادمـة بـأن شـيوخهم خدعوهـم حـين يـرون ملائكـة غلاظـاً وشـداداً يسـألونهم والله يصـف ذلـك المشـهد بقولـه سـبحانه: ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾)الملــك (9:7) وهكــذا سـيكون مصيـر الذيـن اتبعـوا الروايـات وتمـردوا علـى الآيـات فويـل لهـم مـن يـوم الحسـاب .
وبالعودة الي الدراسة نجد ان الباحث يتناول في الفصل الأول النصوص التوراتية التي تتحدث عن وعد الله لبني إسرائيل بأرض فلسطين حيث يرى الباحث أنها تتحدث عن وعد الله عز وجل لبني إسرائيل بأرض فلسطين، منها: قول الله تعالى لإبراهيم عليه السلام في سفر التكوين: “لنسلك أعطي هذه الأرض”.
وعد الله لموسى عليه السلام في سفر العدد: “إلى الأرض التي أقسمت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب”. قول الله تعالى في سفر التثنية: “أنا أعطيكم هذه الأرض الصالحة، أرضا تفيض لبنا وعسلا”. ذكر وصية موسى لشعبه في سفر التثنية بالدخول للأرض الموعودة بعد موته.
والنصوص التي تتحدث عن فتح بني إسرائيل لكنعان عنوةً بأمر من الرب. نصوص أخرى عديدة يفسرها الباحث على أنها وعد إلهي منح اليهود حقوقًا خاصة في أرض فلسطين.
كما يستعرض الفصل الثاني بعض المقولات التلمودية التي يرى الباحث أنها تتحدث عن تفضيل اليهود وامتلاكهم حقوقاً خاصة في أرض فلسطين، منها: ان إسرائيل هي أمة الله المختارة من بين جميع الشعوب”. وإن حياة اليهود أغلى وأوكد من حياة الأمم الأخرى”. كما توضح الدراسة إن أرض إسرائيل موعودة لليهود وحدهم دون سواهم”. و”يجب على اليهود استعادة أرض إسرائيل بكل الوسائل الممكنة”. وان “اليهود هم سادة الأرض، وباقي البشر تابعون لهم”. كما ان “مصير الأمم الأخرى أن تخدم بني إسرائيل وتمجدهم”. وتري الدراسة “يحق لليهود طرد سكان فلسطين من أرضهم لأنها ملك لليهود”. هذه بعض المقولات التي يستشهد بها الباحث من التلمود بحسب الفصل الثاني من الدراسة
كما يناقش الفصل الثالث من الدراسة فكرة “أرض إسرائيل الكاملة” التي تعني امتداد أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات ، فيشرح الباحث الأصول التوراتية والتلمودية لهذه الفكرة، والتي ترى أن حدود أرض إسرائيل تمتد لتشمل أجزاء واسعة من بلاد الشام ومصر كما يوضح كيف اعتمد الصهاينة على هذه الفكرة في وعد بلفور 1917م الذي وعد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وتحاول الدراسة ان يربط بين هذه الفكرة وبين مطالبة إسرائيل بالضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء كما يوضح كيف أثرت فكرة أرض إسرائيل الكاملة على الفكر السياسي والعسكري في إسرائيل منذ نشأتها و يخلص إلى أن هذه الفكرة هي مصدر الصراع العربي الإسرائيلي، لأنها تتنافى مع حقوق الشعب الفلسطيني.
يربط يربط الفصل الرابع بين المعتقدات الدينية اليهودية وممارسات الاحتلال الإسرائيلي منذ 1948 من خلال ربط فكرة الأرض الموعودة في التوراة بالمطالبة الصهيونية بفلسطين وتهجير سكانها الفلسطينيين. وربط بعض الممارسات الإسرائيلية مثل هدم المنازل وقتل الأسرى بنصوص توراتية عن إبادة سكان كنعان. والاستشهاد بتفسيرات تلمودية لتبرير الاستيطان والسيطرة على الأراضي العربية باعتبارها حقاً إلهياً لليهود.
كما ربط عنصرية بعض الجماعات الدينية اليهودية تجاه العرب بنصوص تتحدث عن تفضيل اليهود.
ويعد الاستدلال بأقوال بعض حاخامات اليهود لتبرير قتل الفلسطينيين واغتصاب أراضيهم. كما أشار الي الربط بين الشعارات الدينية للأحزاب الصهيونية المتطرفة وسياسات التمييز العنصري ضد الفلسطينيين.
وهكذا يوضح الفصل الصلة بين الفكر الديني اليهودي وممارسات الاحتلال بحسب رأي الباحث. وتخلص الدراسة إلى أن تفسير النصوص المقدسة أدى إلى سلب حق الفلسطينيين وطردهم من أرضهم.
ويحذر الباحث في خاتمته من مخاطر المعتقدات الدينية اليهودية المتطرفة على السلام العالمي، ويشير إلى أن الاعتقاد بأحقية اليهود الإلهية في فلسطين يؤدي لمزيد من التوسع والاحتلال على حساب الفلسطينيين.
كما يحذر من أن هذه المعتقدات تؤجج الكراهية وتزيد الهوة بين العرب واليهود، مما يهدد السلام الإقليمي.
ويشير أيضا إلى أن التمسك الحرفي بنصوص دينية قديمة يؤدي إلى تعطيل أي محاولات للسلام مع الفلسطينيين.
ويحذر من أن هذه الأفكار تشجع المتطرفين على ارتكاب المزيد من أعمال العنف ضد المدنيين.
وفي النهاية يدعو إلى إعادة تفسير النصوص الدينية بما يتماشى مع مبادئ السلام والعدالة وقبول الآخر.
ويختم بالقول إن التمسك الأعمى بهذه المعتقدات يهدد مستقبل المنطقة بأسرها ويجب تجاوزها.