اتفقت دراسة للدكتور صبري محمد خليل- أستاذ فلسفه القيم الإسلامية في جامعه الخرطوم حول الجدل الفقهي حول حكم مشاركة المسلمين في الاحتفال بأعياد المسيحيين، مع مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي ” المحرمات اختصاص الله وحده”
حيث أوضحت الدراسة اختلاف العلماء في الرأي إلى ثلاثة مذاهب:مذهب المنع: ويرى بتحريم مشاركتهم في الاحتفال، استنادًا إلى أن في ذلك تشبهًا بهم، وأنه بدعة، وأنه يتضمن أمورًا محرمة، وهو إبدال لأعياد المسلمين.
مذهب المنع: ويرى بتحريم مشاركتهم في الاحتفال، استنادًا إلى أن في ذلك تشبهًا بهم، وأنه بدعة، وأنه يتضمن أمورًا محرمة، وهو إبدال لأعياد المسلمين.
وقد أوضح أستاذ فلسفة القين أن الكثير من علماء مذهب المنع لم يقطعوا بتكفير من شارك المسيحيين احتفالاتهم، كما أن بعضهم ميّز بين درجتي المنع، فجعل مشاركتهم في أعيادهم الدنيوية مكروهة، ومشاركتهم في أعيادهم الدينية محرمة.
كما بيّن المؤلف أن مذهب إيجاب قتال غير المسلمين مطلقًا غير صحيح، إذ إن الإسلام ما أباح القتال إلا لرد اعتداء أو إكراه على الردة، وأن آيات القتال مقيدة بذلك، ولا تدل على قتال غير المسلمين مطلقًا كما يزعم البعض.
كما أشار إلى أن الفقهاء القائلين بوجوب قتال غير المسلمين استندوا في ذلك إلى ظروف تاريخية محددة، حيث كانت الحروب مستمرة ولم تسمح بعلاقات سلمية مع غير المسلمين، لذلك لا يمكن تعميم هذا الحكم.
كما أكد أن مشاركة المسلمين للمسيحيين في احتفالاتهم يمكن أن تكون في إطار إظهار محاسن الإسلام وتقرير مفهوم المواطنة التي تجمع الجميع، ولا تعني مشاركتهم في عقائدهم وشعائرهم الدينية.
مؤكدا على أهمية الفهم الصحيح لمصطلح “أهل الذمة” باعتباره يعني تقرير حقوق المواطنة لغير المسلمين مع حريتهم الدينية، وكذلك الفهم الصحيح لمفهوم “الجزية” باعتبارها بديلاً عن التجنيد، وليست تمييزًا ضدهم.
وأوضح صبري أن التمييز ضد أهل الذمة لم يكن قاعدة عامة في الفقه الإسلامي، بل رأي بعض الفقهاء في ظروف تاريخية محددة. كما أكد على أن الإسلام أقر العديد من الحقوق والحريات الدينية لأهل الذمة، من بينها حرية العبادة وإقامة الشعائر، وكفل حمايتهم. وبيّن أنه يجوز أخذ رأي غير المسلمين في الشورى حول الأمور الدنيوية والسياسات العامة، لا حول العقائد والشرائع. كما حذر من الاستناد إلى آراء متشددة في فهم النصوص لتبرير العنف أو إلغاء الحقوق أو تكفير الآخرين. ودعا إلى ضرورة النظر إلى نصوص الوحي في سياقها التاريخي، مع تقدير روح التسامح والإنصاف في التعامل مع غير المسلمين.
واما مذهب الجواز فيرى بجواز المشاركة، استنادًا إلى الإحسان ومعاملة غير المسلمين بالحسنى، وعيادة مريضهم، وغير ذلك من الأدلة الدالة على مجاملتهم مستندا الي:
مذهب الجواز فيرى بجواز المشاركة، استنادًا إلى الإحسان ومعاملة غير المسلمين بالحسنى، وعيادة مريضهم، وغير ذلك من الأدلة الدالة على مجاملتهم
1- قوله تعالى: “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”
2- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ”
3- زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم لليهودي المريض ودعوته للإسلام.
4- قبول الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوة غير المسلمين للطعام كما في حديث أبي هريرة.
وبناءً على هذه الأدلة، يرى مذهب الجواز أنّه ينبغي معاملة غير المسلمين بالحسنى ومجاملتهم في بعض المناسبات كالأعياد وغيرها تطبيقًا لمبدأ الإحسان والتعايش السلمي.
مؤكدا ان إن الأصل فى هذا الإباحة، ولم يرد ما ينهى عن ذلك, ويشير صبري الي ان كل ما سعمه او قرأه لمن يحرمون هذه التهنئة أن فى التهنئة إقرارا لهم على دينهم الذى نعتقد أنه محرف، ولكن الصحيح أنه لا يوجد فى التهنئة أى إقرار، لما يلى: أولا، لأننا لا نعد تهنئتهم لنا بأعيادنا إقرارا منهم بأن الإسلام هو الصحيح، فالمسلم لا يقصد بالتهنئة إقرارا على الدين، ولا هم يفهمون منا ذلك. ثانيا، أن الله تعالى أمرنا بمعاملتهم بالحسنى فقال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). والبر هو الخير عموما، فقد أمرنا الله تعالى بمعاملتهم بالخير كله، فتكون معاملتهم بالخير ليست جائزة فقط بل هى مستحبة، فكيف يحرم بعد ذلك تهنئتهم بنحو قولك: كل عام وأنتم بخير، فإننا لا شك نحب لهم الخير، وقد أمرنا الله بذلك. ثالثا، لأن الله تعالى شرع لنا التحالف معهم كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة المنورة. رابعا، أن الله تعالى شرع لنا زيارتهم فى بيوتهم واستقبالهم فى بيوتنا، والأكل من طعامهم، بل والزواج منهم، مع ما فى الزواج من مودة ورحمة، ولا يقال: إن فى ذلك كله نوعا من الإقرار لهم بأن دينهم هو الحق، فكيف يجوز ذلك كله ولا تجوز تهنئتهم).وكذلك أجاز التهنئة المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، خصوصا إن كانوا غير محاربين، ولخصوصية وضع المسلمين كأقلية فى الغرب، وبعد استعراض الأدلة خلص المجلس إلى ما يلى: لا مانع إذن أن يهنئهم الفرد المسلم، أو المركز الإسلامي بهذه المناسبة، مشافهة أو بالبطاقات التي لا تشتمل على شعار أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام.وكذلك ذهب الشيخ أحمد الشرباصى إلى مشاركة النصارى في أعياد الميلاد بشرط أن لا يكون على حساب دينه.
مذهب التفصيل: ويرى بالتفريق بين كيفيتين للمشاركة، فيمنع المشاركة بنية التشبه بهم تحريمًا أو كراهة، ويجيز المشاركة مع تجنب الأمور المحرمة، من باب المودة والمجاملة ومعاملتهم بالحسنى في إطار المواطنة، مع التأكيد على عدم الإقرار بعقائدهم.
أيضا تطرق الباحث الي مذهب التفصيل: ويرى بالتفريق بين كيفيتين للمشاركة، فيمنع المشاركة بنية التشبه بهم تحريمًا أو كراهة، ويجيز المشاركة مع تجنب الأمور المحرمة، من باب المودة والمجاملة ومعاملتهم بالحسنى في إطار المواطنة، مع التأكيد على عدم الإقرار بعقائدهم.
وخلص إلى أنه لا يصح اتخاذ مذهب المنع كدليل على تكفير من شاركهم، أو أن الإسلام يكرس للتمييز الديني، أو ينكر حقوق الأقليات، أو أن الأصل في العلاقة مع غير المسلمين هو الحرب، بل إن الإسلام أقر حرياتهم الدينية وحقوقهم كمواطنين، في إطار العدل وعدم الإكراه في الدين.