في إطار البحث والتأصيل لفهم السُنة النبوية في ضوء القرآن الكريم، يأتي كتاب الدكتور مصطفى محمود بعنوان “محمد صلى الله عليه وسلم” ليقدم رؤية تحليلية ومعمقة لدور السنة النبوية وحدودها وفقًا للنصوص القرآنية. تتقاطع هذه الرؤية مع ما طرحه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “أمانة الرسول في حمل ونقل الرسالة الإلهية”، حيث يشترك كلاهما في التأكيد على أن القرآن هو المصدر الأساسي للتشريع، وأن دور الرسول محمد عليه السلام كان محصورًا في تبليغ الرسالة دون إضافة أو تعديل.
يستعرض الدكتور مصطفى محمود في كتابه العلاقة بين السنة النبوية والقرآن الكريم، أن السنة تأتي كشرح وتفصيل لما ورد في القرآن، لكنها ليست مصدرًا مستقلًا للتشريع. هذا الطرح يتماشى مع ما أكده الشرفاء، الذي شدد على أن النبي محمد عليه السلام لم يكن له دورا في التشريع المستقل، بل كانت مهمته الرئيسية هي تبليغ الرسالة الإلهية كما أنزلت عليه دون تدخل بشري. يستدل الدكتور مصطفى محمود بنصوص قرآنية واضحة تؤكد أن الحكم والتشريع هما لله وحده، وأن الرسول كان مُبلغًا عن الله وليس مشرعًا من عنده. وهذا ما يدعم الفكرة المركزية التي طرحها الشرفاء بأن القرآن الكريم هو النص الكامل والشامل، الذي يحتوي على كل ما يحتاجه المسلمون في حياتهم.
يتناول الدكتور مصطفى محمود في كتابه أمثلة محددة من الأحاديث النبوية التي تم تفسيرها بطريقة قد تُفهم على أنها تشريع مستقل. يوضح أن هذه الأحاديث يجب أن تُفهم في سياقها الصحيح، وهو أنها تأتي لتوضيح أو تطبيق نصوص القرآن، وليس لتقديم تشريعات جديدة. هذا التفسير يتفق مع ما ذهب إليه المفكر علي محمد الشرفاء، الذي أشار إلى خطورة الاعتماد على الأحاديث النبوية كمرجعية مستقلة عن القرآن، معتبرًا أن ذلك قد يؤدي إلى تشتت المسلمين وابتعادهم عن المصدر الأساسي للتشريع.
من النقاط الهامة التي يناقشها الدكتور مصطفى محمود هي مسألة الأحاديث التي قد تبدو متعارضة مع النصوص القرآنية. يرى أن هذه الأحاديث إما أنها أسيء فهمها أو أنها قد لا تكون صحيحة من الأساس، مؤكدًا أن القرآن هو المعيار الذي يجب أن تقاس عليه صحة أي حديث. إذا تعارض الحديث مع نص قرآني واضح، فإن الأولوية تكون للقرآن، لأن النبي محمد عليه السلام لم يكن ليقول شيئًا يخالف ما أنزل عليه من ربه. هذه الفكرة تتماشى مع ما طرحه الشرفاء في مقاله، حيث أكد أن أي تفسير أو تأويل يجب أن يكون متسقًا مع القرآن، وأن القرآن هو الذي يجب أن يحكم على مدى صحة الأحاديث والروايات المنقولة عن النبي.
يتفق كل من الدكتور مصطفى محمود والمفكر علي الشرفاء في أن الابتعاد عن القرآن والاعتماد على مصادر أخرى قد أدى إلى ظهور كثير من الفتن والانقسامات بين المسلمين. يشير الدكتور مصطفى محمود إلى أن الفهم الصحيح للسنة النبوية يجب أن يكون في ضوء القرآن، وأن أي محاولة لإضفاء طابع تشريعي مستقل على السنة قد تضر بوحدة الأمة. هذا الموقف يعزز من دعوة المفكر علي الشرفاء للعودة إلى القرآن الكريم كمصدر وحيد وواضح للتشريع، مؤكدًا أن ذلك سيجنب المسلمين الكثير من الصراعات والتفسيرات المتضاربة.
من خلال تحليله للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، يخلص الدكتور مصطفى محمود إلى أن القرآن الكريم قد حدد بدقة دور الرسول محمد عليه السلام، وأن هذا الدور يقتصر على تبليغ الرسالة وتوضيحها للناس. يتوافق هذا الطرح بشكل كبير مع ما أكده المفكر علي الشرفاء، الذي أشار إلى أن النبي عليه السلام لم يكن مشرعًا، بل كان دوره توجيه الناس إلى ما أنزل الله عليه من هدى ونور. كما يؤكد الدكتور مصطفى محمود أن القرآن هو “الفرقان” الذي يميز بين الحق والباطل، وأنه يجب أن يكون المرجعية الأولى والأخيرة في كل ما يتعلق بالتشريع وفهم الدين.
في نهاية الكتاب، يدعو الدكتور مصطفى محمود إلى ضرورة العودة إلى القرآن الكريم لفهم السنة النبوية والابتعاد عن التأويلات والاجتهادات التي قد تخرج النصوص عن سياقها الصحيح. يرى أن هذا النهج سيساعد المسلمين على التمسك بمبادئ الإسلام الحقيقية بعيدًا عن التحريف أو الإضافة. هذه الدعوة تتماشى مع ما طرحه المفكر علي الشرفاء في مقاله، حيث شدد على أهمية تدبر القرآن والتفكر في آياته باعتباره الكتاب الوحيد الذي يحتوي على كل ما يحتاجه المسلمون من هداية وتشريع.
بناءً على هذه الدراسة، يمكن القول إن الدكتور مصطفى محمود يقدم طرحًا يتفق إلى حد كبير مع ما قدمه المفكر علي محمد الشرفاء، حيث يؤكد كلاهما على مركزية القرآن في الإسلام وعلى أن السنة النبوية يجب أن تُفهم في ضوء القرآن، وليس كمرجعية مستقلة. هذه الرؤية المشتركة تسلط الضوء على أهمية العودة إلى النص القرآني كمصدر أصيل للتشريع وفهم الدين، بعيدًا عن التفسيرات البشرية التي قد تساهم في تضليل المسلمين عن الحقيقة.
في الختام، يشكل كتاب الدكتور مصطفى محمود “السنة النبوية في ضوء القرآن الكريم” إضافة قيمة للنقاش حول دور السنة النبوية وحدودها، ويعزز من الدعوات التي تنادي بالعودة إلى القرآن الكريم كمصدر وحيد للتشريع، ما يتوافق مع ما طرحه المفكر علي الشرفاء الذى يؤكد على أهمية هذه الدعوة وضرورة تبنيها لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية وحمايتها من الفتن والتشتت.