دراسة أكاديمية أعدها الباحثان حسين عسكري، وعباس ميراخور، بعنوان “مقدمة وملخص لمفهوم العدالة في الإسلام” والتي وردت في كتابهما “مفاهيم العدالة من الإسلام إلى الحاضر”، تُعَدُّ من الدراسات التي تتفق بشكل كبير مع الأفكار التي طرحها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “دعوة لمجتمع العدل والرحمة”. تعكس هذه الدراسة رؤية شاملة لمفهوم العدالة في الإسلام، حيث يتجاوز هذا المفهوم الأطر القانونية إلى أبعاد أخلاقية واجتماعية تتعلق بتحقيق الرحمة والعدل في المجتمع.
يتناول عسكري وميراخور في دراستهما الأسس الفلسفية للعدالة في الإسلام، مشيرين إلى أن هذا المفهوم ليس مقتصرًا على العقوبات القانونية أو التوزيع الاقتصادي فقط، بل هو مبدأ شامل يرتبط بمختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. يُبرِز الباحثان كيف أن العدالة في الإسلام ترتبط بشكل وثيق بالرحمة، وتُعتَبر أداة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية والسلام بين أفراد المجتمع.
تتفق هذه الرؤية مع ما طرحه المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، حيث يشدد في مقاله على أن الإسلام دين العدل والرحمة، وأن الهدف من التشريعات الإسلامية هو تحقيق العدالة والرحمة بين الناس. يرى الشرفاء أن الإسلام يسعى لبناء مجتمع يتم فيه احترام حقوق الأفراد، وتُؤسَّس فيه العلاقات الاجتماعية على أساس من الرحمة والعدل، بعيدًا عن التفرقة والظلم.
يركز الباحثان عسكري وميراخور في دراستهما على أن الرحمة تُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من مفهوم العدالة في الإسلام.
اشارا إلى أن القرآن والسنة يشددان على أهمية الرحمة في الحكم والتعامل مع الآخرين. فالعدالة الإسلامية، بحسب الدراسة، لا تهدف إلى مجرد تطبيق القوانين بحزم، بل تسعى أيضًا إلى معالجة القضايا بروح من الرحمة والتعاطف، بحيث يتحقق الهدف الأسمى وهو رفاهية المجتمع ككل.
هذا يتماشى مع ما أكده الشرفاء في مقاله، حيث يرى أن الإسلام جاء لإقامة مجتمع تسوده الرحمة والعدل، وأن الرحمة هي جوهر الرسالة الإسلامية. يدعو الشرفاء إلى تطبيق هذه المبادئ في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لتحقيق مجتمع قائم على العدل والرحمة.
أحد الجوانب المهمة التي تتناولها الدراسة الأكاديمية هو دور الدولة والمجتمع في تحقيق العدالة. يشير عسكري وميراخور إلى أن الإسلام يضع على عاتق الدولة مسؤولية كبيرة في ضمان تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع. يجب على الدولة أن تسعى لتحقيق المساواة والإنصاف، وأن تضمن توزيع الموارد بشكل عادل، بحيث لا يُترك أي فرد يعاني من الظلم أو الفقر.
يتفق هذا الجانب مع ما طرحه الشرفاء، حيث يرى أن الإسلام يطالب الحكام بالعدل والرحمة في تعاملهم مع رعاياهم. يشدد الشرفاء على أن الإسلام يرفض الظلم والاستبداد، وأن الحاكم المسلم يجب أن يكون قدوة في تحقيق العدالة والرحمة بين أفراد المجتمع. يرى الشرفاء أن دور الدولة في الإسلام ليس مجرد فرض القوانين، بل هو ضمان تحقيق العدل والرحمة، بما يحقق رفاهية المجتمع ككل.
تناقش الدراسة أيضًا مفهوم العدالة الاجتماعية في الإسلام، مشيرة إلى أن الإسلام يسعى لتحقيق التوازن الاجتماعي من خلال توزيع الثروات والموارد بشكل عادل. يشير الباحثان إلى أن الزكاة، على سبيل المثال، تُعَدُّ من أهم الأدوات التي يفرضها الإسلام لتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث تسهم في تقليل الفوارق الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء.
يرى الشرفاء أن الإسلام دين العدالة الاجتماعية، وأن التشريعات الإسلامية تهدف إلى تحقيق المساواة والعدل بين الناس. يشدد الشرفاء على أن الإسلام يرفض الفقر والتفاوت الطبقي، وأنه يطالب الأغنياء بمساعدة الفقراء والمحتاجين. يتفق هذا المنظور مع ما طرحه عسكري وميراخور، حيث يشددان على أن العدالة الاجتماعية هي جزء لا يتجزأ من العدالة في الإسلام، وأن تحقيقها يتطلب تعاون المجتمع بأسره.
أحد المحاور الرئيسية التي تتناولها الدراسة هو العلاقة الوثيقة بين العدالة والرحمة في الإسلام. يشير الباحثان إلى أن العدالة بدون رحمة قد تتحول إلى ظلم، وأن الرحمة بدون عدالة قد تؤدي إلى فوضى. لذلك، يؤكد الإسلام على ضرورة تحقيق التوازن بين العدالة والرحمة، بحيث يتم تطبيق القوانين بشكل عادل، مع مراعاة الظروف الإنسانية للأفراد.
هذا يتفق تمامًا مع ما طرحه الشرفاء، حيث يرى أن الإسلام دين يوازن بين العدالة والرحمة، وأن الهدف من التشريعات الإسلامية هو تحقيق هذا التوازن في المجتمع. يدعو الشرفاء إلى تطبيق القوانين بروح من الرحمة والعدل، بحيث يتحقق الهدف الأسمى للإسلام في بناء مجتمع يسوده السلام والعدالة.
يرى الباحثان عسكري وميراخور أن العدالة في الإسلام تُعَدُّ وسيلة لتحقيق السلام والاستقرار في المجتمع. يشيران إلى أن تحقيق العدالة يؤدي إلى إزالة الظلم والاضطهاد، ويعزز من مشاعر الأمان والثقة بين أفراد المجتمع. يُبرِزان كيف أن الإسلام يربط بين تحقيق العدالة وتحقيق السلام، وأن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق بدون عدالة.
يتفق الشرفاء مع هذا الرأي، حيث يرى أن الإسلام يسعى لتحقيق السلام من خلال العدالة. يشدد الشرفاء على أن العدالة هي الأساس الذي يقوم عليه السلام في المجتمع، وأن الظلم والاستبداد يؤديان إلى الفوضى والعنف. يدعو الشرفاء إلى بناء مجتمع قائم على العدل والرحمة، بحيث يسود السلام والأمان بين أفراده.
تُظهِر الدراسة الأكاديمية التي أعدها عسكري وميراخور توافقًا كبيرًا مع الأفكار التي طرحها المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “دعوة لمجتمع العدل والرحمة”. كلا العملين يؤكدان على أن العدالة والرحمة هما جوهر الدين الإسلامي، وأن الإسلام يسعى لبناء مجتمع يسوده العدل والرحمة. يشددان على دور الدولة والمجتمع في تحقيق هذه المبادئ، وعلى أهمية تحقيق التوازن بين العدالة والرحمة لتحقيق السلام والاستقرار في المجتمع. يعتبر هذا التوافق بين الدراسة والمقال تأكيدًا على أن الإسلام دين العدل والرحمة، وأن هذه المبادئ هي التي يجب أن تكون الأساس في بناء المجتمعات الإسلامية اليوم.