قال الباحث الاسلامى التونسي محمود بن تيميسك، أن الله عز وجل لا يحتاج إلى وسائط لمعرفة أعمال العباد، فهو بكل شيء عليم، ولكن الأحكام الشرعية والعبادات في الإسلام تحمل حكمًا ومقاصد تتجاوز مجرد العلم بالأعمال.
جاء ذلك ردا على مقال مفكر العرب علي محمد الشرفاء بعنوان ” ونعلم ما توسوس به نفسه ” والذى انتقد فيها اقوال البعض حول رفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان.
وأشار الباحث الاسلامي الى أن الآيات التي ذكرها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي فى مقاله تؤكد على علم الله الشامل والدقيق بكل ما يفعله الإنسان، وأن لا شيء يخفى عليه، وأن لديه ملائكة موكلين بتسجيل أعمال البشر، وهذا يعزز مفهوم الرقابة الذاتية للمؤمن ويحثه على الإخلاص في العمل.
وأوضح الباحث التونسي أن رفع الأعمال إلى الله قد يُفهم كجزء من النظام الإلهي الذي يُظهر العدل والحكمة الإلهية، وليس لأن الله بحاجة إلى معرفة هذه الأعمال.
وتابع ” إنه يعمل كتذكير للناس بأهمية مراقبة أعمالهم ونواياهم، وكذلك يؤكد على فكرة المساءلة والجزاء في الآخرة”.
وأشار الى أن هناك أحاديث صحيحة وردت عن النبي محمد ﷺ تشير إلى فضل شهر شعبان، وأنه يُرفع فيه الأعمال إلى الله. هذه الأحاديث لا تتناقض مع القرآن الكريم بل تكمله، حيث تأتي لتعليم المسلمين عن أوقات يستحب فيها العبادة والتقرب إلى الله.
ومن المهم التأكيد على أن القرآن والسنة يكمل كل منهما الآخر، ولا يجب فهم أي منهما بمعزل عن الآخر. فالأحاديث النبوية تفسر وتوضح ما جاء في القرآن الكريم وتأتي بتفاصيل لم يذكرها القرآن بالتفصيل.
واختتم بقوله ينبغي التأكيد على أن فهم أمور الدين يتطلب الرجوع إلى العلماء المتخصصين وأهل العلم الذين يستطيعون تقديم التفسيرات الصحيحة للنصوص الدينية بما يتوافق مع مقاصد الشريعة ويحقق التوازن بين العبادات والأخلاق الإسلامية.
والى نص مقال المفكر العربى علي محمد الشرفاء،،
قال الله سبحانه يحذر الذين يفترون على الله ما لم يكون له سند من كتاب الله (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) يونس (٦٩)،
هل يوجد نص في الذكر الحكيم بلغه الرسول عليه السلام للناس بأن جميع أعمالهم ترفع في شهر شعبان، ألا تعتبر هذه الرواية إفتراء على الله ورسوله، والله يخاطب الناس بقوله:
(يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) سبأ (٢) .
فهل من المنطق أن يؤمن المسلم برواية كاذبة تتناقض مع قدرة الله على علمه بكل حركة في الأرض والسماء وكل عمل يعمله الإنسان قبل القيام به يعلمه الله سبحانه في كل ثانية، فهل يحتاج الخالق العظيم ليحدد يوماً تُرفع فيه أعمال الناس وهو يعلمها مسبقا، دون الحاجة لمن يكلف برفعها اليه سبحانه جل وعلا .
ألم يقل سبحانه؛
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)
فمن كان بذلك القرب للإنسان فهل يحتاج لمن يسجل أعمال الإنسان ويرفعها اليه سبحانه.
فليتوقف المتآمرون على رسالة الله للناس وليُحكِموا بينهم آياته التي تخرجهم من الظلمات إلى النور،
اللهم أغفر للمسلمين أخطاءهم وإتباعهم أولياء الشيطان.
وهل أعظم من الإفادة من أن نتبع كتاب الله كما أمر في قوله سبحانه :
(اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) الأعراف (٣)
وبشأن رفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان هناك آيات من القرآن المجيد تدحض كل فكر مريض وتُبطل كل رواية مزورة على الرسول، والله لم يكلف رسوله عليه السلام أكثر من أن يبلغ الناس آيات الذكر الحكيم ويتلوها عليهم ويعلمهم مقاصدها وحكمة الله فيها، لما يحقق للإنسان حياة طيبة مطمئنة في الدنيا ويفوز يوم القيامة بجنات النعيم. والآيات التاليه تنفي تماما ما تم تزويره على الرسول عليه السلام بأن أعمال الناس تُرفع لله في شهر شعبان:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق (١٦/١٧/١٨) .
وقول الله سبحانه :
(وَإِنَّ عَلَیۡكُمۡ لَحَـٰفِظِینَ كِرَاما كَـٰتِبِینَ یَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ) الانفطار (١٠/١١/١٢).
وكثير من الآيات التي تنفي المزاعم الكاذبة على الرسول عليه السلام بما نُسب اليه من أقوال مزورة أنه قال ( ترفع أعمال الناس في شعبان )
فالآيات السابقة تؤكد أن الله سبحانه لا يحتاج لمن يرفع أعمال الناس في أي يوم، ولا يعلم الرُسل أو الأنبياء أو شيوخ الدين الكيفية في تسجيل أعمال الإنسان ليُحاسب عليها يوم القيامة حينما يُخرج الله كتابا يلقاه منشورا فيه سجل حياته ومُجمل أعماله منذ ولادته حتى وفاته، ولايعلم الغيب إلا الله. لذلك تفاديا عن اللغط والخلط بين الحق والباطل يجب أن يتم عرض كل المنقول من روايات على كتاب الله ليكون هو الحكم النهائي على بطلان كل الروايات دون استثناء اتفاقا مع التكليف الالهي لرسوله في قوله سبحانه ؛
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة (٦٧) .
ذلك الأمر الالهى للرسول عليه الصلاة والسلام بأن يُبلغ ما أنزله الله عليه من آيات القرآن الكريم تلاوة وشرحا لمقاصد الآيات وحكمة الله فيها لمنفعة الإنسان فقط، ولم يصرح للرسول أن يؤلف أقوالا من عنده تتعلق برسالة الإسلام لتنافس آيات الذكر الحكيم كما حدث منذ أربعة عشر قرنا حينما طغت الروايات على الآيات وضاعت الرسالة واختلف المسلمون وتقاتلوا، وانتشرت الفتن، بالرغم أن الله سبحانه خاطب الناس جميعا بقوله ؛
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الانعام (٣٨)