قال الباحث العراقي اخلاص توفيق أجدُ أن ما طرحه الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي في مقاله “من الفتنة إلى الوحدة” يعبر بصدق عن الحاجة الماسة لوقفة تأملية جادة لدى الأمة الإسلامية، لقد جرت الطائفتان السُنية والشيعية وراء تفسيرات بشرية غير موثوقة ومرجعيات متضاربة، مما أضاع الهدف الأسمى للإسلام ووحدته، مؤكدا أن الرسالة الإلهية في القرآن الكريم واضحة في الدعوة إلى الوحدة والتعاون، ولم تشر قط إلى التقسيمات الطائفية التي أضرت بالمجتمعات الإسلامية وأفقدتها قوتها وتماسكها. إن التمسك بالقرآن الكريم والابتعاد عن الفتن الطائفية هو السبيل الوحيد لاستعادة العزة والكرامة للمسلمين.
وأضاف توفيق إن التحزب والطائفية لم يقتصرا على استنزاف الموارد الاقتصادية والبشرية فحسب، بل أفضيا أيضًا إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وإضعاف بنية الأمة. إن الاستمرار في هذا النهج المدمر يتيح لأعداء الإسلام التسلل بسهولة إلى مجتمعاتنا، مستغلين خلافاتنا الداخلية لتحقيق مصالحهم على حساب دماء وأرواح الأبرياء. لا بد من إعادة توجيه البوصلة نحو تعاليم الإسلام الحقيقية التي تحث على التسامح والتآخي والتكاتف، ونبذ الفرقة والاختلافات الطائفية التي زرعها الشيطان وأتباعه بيننا.
واكد توفيق على ضرورة العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله، فهما المنارة التي تنير درب المسلمين وتوجههم نحو الصراط المستقيم. علينا أن نتخذ من القرآن الكريم المصدر الأول والأخير لتشريعاتنا وأحكامنا، بعيدًا عن التحريفات البشرية والأهواء الشخصية. إن الوحدة الإسلامية ليست مجرد خيار، بل هي واجب ديني وأخلاقي يجب أن نسعى لتحقيقه بكل ما أوتينا من قوة وإرادة. قال الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: ١٠٣)، فلنكن على قدر هذا النداء الرباني ولنحقق الوحدة التي تحفظ ديننا ودنيانا.
واعتبر الباحث العراقي ان التعليم والتوعية من الركائز الأساسية التي يمكن أن تسهم في تحقيق الوحدة بين المسلمين. مضيفا انه من الضروري أن تركز المناهج التعليمية في الدول الإسلامية على القيم المشتركة التي تجمع الأمة، بدلاً من التركيز على الخلافات الطائفية والمذهبية. يجب أن يتعلم الأطفال والشباب مبادئ الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى السلام والتعاون والعدالة. كما يجب أن تُدرَّس سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكيفية تعامله مع الاختلافات بطريقة تعزز التسامح والتعايش السلمي بين المسلمين بمختلف توجهاتهم.
من جهة أخرى أشار توفيق الي ان وسائل الإعلام تلعب دورًا حيويًا في توجيه الرأي العام وبناء الوعي الجماعي. ينبغي على الإعلام الإسلامي أن يكون وسيلة لنشر الوعي بأهمية الوحدة ونبذ التفرقة. يمكن استخدام البرامج الحوارية، والأفلام الوثائقية، والمقالات الصحفية لتعريف الجمهور بخطورة الفتنة الطائفية وتشجيع الحوار البنّاء بين مختلف الطوائف. الإعلام الذي يركز على القواسم المشتركة وينشر رسالة الحب والتسامح يمكن أن يكون له تأثير كبير في تقليل التوترات الطائفية وتعزيز الشعور بالأخوة الإسلامية.
كما اضاف انه يجب أن يُعزز دور المؤسسات الدينية والمنظمات الإسلامية في العمل نحو الوحدة والتضامن بين المسلمين. يمكن لهذه المؤسسات أن تنظم المؤتمرات والندوات التي تجمع علماء ومفكرين من مختلف المذاهب للتباحث في سبل تقريب وجهات النظر وتعزيز التفاهم المشترك. ينبغي أن تكون هذه الفعاليات منصات للحوار البناء والتعاون، بحيث يتم التركيز على القواسم المشتركة وتجاوز الخلافات التي تفرق بين المسلمين. مثل هذه الجهود يمكن أن تكون نواة لحركة واسعة تهدف إلى ترسيخ قيم الوحدة والأخوة الإسلامية في قلوب المسلمين في كل مكان.
كما أوضح الباحث العراقي ان القيادات الدينية والسياسية لها دورًا محوريًا في تحقيق الوحدة الإسلامية. قائلا “على العلماء والمشايخ أن يكونوا قدوة حسنة في الدعوة إلى الوحدة والتآخي، وأن يبتعدوا عن الخطاب الذي يعمق الفجوة بين الطوائف. كما يجب على القادة السياسيين أن يعملوا على وضع سياسات تعزز العدالة والمساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية. فتعزيز الحوار والتعاون بين القيادات الدينية والسياسية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار والوحدة داخل المجتمعات الإسلامية.