في رده على مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي بعنوان “المسؤولية المشتركة في نبذ الروايات المختلقة”، يعبر الباحث والمتدبر الأردني رايق العودات عن مفهوم الوحي والاجتهاد النبوي، مؤكدا أن «الشرفاء» قد لامس جوهر المشكلة التي تعاني منها الأمة الإسلامية والمتمثلة في الاعتماد على الروايات الملفقة، لافتا إلى أن هذا المقال يمثل دعوة صادقة لتصحيح المسار الديني والفكري للأمة.
وبدأ العودات حواره بالاشارة الى الآية القرآنية: “وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم آياته والله عليم حكيم”، ليشير إلى أن التمني هنا يعني اجتهاد النبي في تطبيق بعض أحكام التشريع التي لم يتم تفصيلها بعد.
يشرح العودات أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في البداية حرم استخدام جلود وشحوم الميتة والخنزير، استنادًا إلى التحريم العام للميتة والدم ولحم الخنزير، ولكن بعد نزول آية تفصيلية تحدد المحرمات بالأكل فقط، أباح النبي استخدام جلود وشحوم الميتة والخنزير في صناعات غير غذائية. يوضح العودات أن هذا النسخ هو مثال على كيفية إزالة الله ما يلقي الشيطان من التشديدات غير المبررة، ليجعل الحياة أكثر يسرًا.
يرى العودات أن كثرة المحرمات في الروايات المنسوبة إلى النبي هي جزء من أساليب الشيطان لإرهاق الناس، وأن الإسلام دين يُؤخذ بالعقل والمنطق وليس بالنقل فقط، متساءلا: أين الضرر من استخدام شحوم وجلود الميتة والخنزير إذا لم تُستخدم كطعام وبعد تطهيرها؟ يشير إلى أن التقنيات الحديثة تجعل من الممكن استخدام هذه المواد بأمان.
كما يثير العودات قضية التبرع بالأعضاء واستخدام أعضاء الخنزير لإنقاذ حياة المرضى، مشيرًا إلى أن بعض الفقهاء حرّموا هذه الممارسات دون أن يدعوا رحمة الله تنزل على الناس فيما أباحه لهم في القرآن. ينتقد العودات بشدة مقولة الوحي الثاني وفكرة أن كل ما ينطق به النبي هو وحي، مؤكدًا أن النبي كان يجتهد ويصيب ويخطئ كأي إنسان آخر، وأن القرآن كان ينزل أحيانًا ليصحح له.
يشدد العودات على أن محمد الرسول معصوم فيما يوحى إليه من القرآن، ولكن محمد الإنسان قد يجتهد ويخطئ، موضحا أن الوحي كان ينقطع أحيانًا، وهذا يعني أن النبي كان يتحدث كبقية الناس خلال تلك الفترات. يتساءل: كيف يمكن تمييز الأحاديث النبوية الصحيحة إذا كان النبي يتحدث كبشر خلال فترات انقطاع الوحي؟، ويرى العودات أن الطريقة الوحيدة لتمييز الأحاديث الصحيحة هي دراستها من حيث المتن، وليس من حيث السند وعلم الرجال الذي يمكن أن يكون مضللاً.
ويعتقد أن كل ما يوافق كتاب الله فهو صحيح، وكل ما يخالفه ليس بصحيح حتى لو رواه مليون إنسان، داعيا إلى نبذ مقولة الوحي الثاني والتركيز على القرآن كمرجع أساسي لفهم الدين.
من خلال هذا الرد، يشيد رايق العودات بمقال المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي ويدعو إلى العودة إلى الأصول الحقيقية للإسلام، ونبذ الروايات المختلقة، والتفكر والتدبر في كتاب الله دون الاعتماد المفرط على النقل والموروثات التي قد تكون غير صحيحة.